الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فمما لا شك فيه أن شريفَ النفس لا يستسهل الألفاظ القبيحة؛ حتى لا يكون أهلاً لمقت الله، واستخفاف الناس بشخصه، ولا شك أن بذاءة اللسان مذمومة ومنهي عنها، ولا شك أيضا أن الألفاظ القبيحة كثيرة.
الباعث على البذاءة:
ومصدر البذاءة الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم؛ لأن من عادتهم السب.
وفي كل الأحوال فقد نهى الله -عز وجل- عن البذاءة، والمجاهرة بالألفاظ القبيحة في قوله -تعالى-: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [النساء: 148]، بل بيَّن الله في كتابه أن ذلك من صفات المنافقين الذين وصف الله حالهم مع المؤمنين، فقال: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} [الأحزاب: 19].
فالمؤمن لا يجاري السفهاء وأصحاب الخلاعة والبذاءة، بل يحافظ على مروءته صيانةً لنفسه، وقد قيل: "احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خيرٌ من مشاكلته".
وقال بعض الشعراء:
احـفـظ لسانـك إن لـقيت مشـاتمًا*** لا تــجـريـن مــع الـلــئـيــم إذا جــرى
من يشتري عرض اللئيم بعرضه*** يحوي الندامة حين يعرض ما اشترى
من مواضع البذاءة والفحش:
هناك الكثير من المواضع والأوقات التي يلجأ فيها بعض ضعاف الإيمان ومن ساءت أخلاقهم للبذاءة، وقد بين شيئا منها الإمام الغزالي -رحمه الله- فقال:
"ومواضع ذلك متعددة، ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها، فإن التصريح في مثل هذه الحال فحش وينبغي الكناية عنها. وأكثر ما يكون في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به، فإن لأهل الفساد عبارات صريحةً فاحشة يستعملونها!!
وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشون عنها، ويدلون عليها بالرموز فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها، ألم تر أن الله -عز وجل- كنى باللمس عن الجماع؟!، ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل: المس، واللمس، والدخول، والصحبة... ويدخل الفحش أيضًا والبذاءة في ذكر النساء والكلام عنهنَّ، وكذلك يدخل في ذكر العيوب التي يستحيا منها كالأعرج والأقرع، فلا ينبغي أن يُعبر عنها بصريح اللفظ".اهـ.
وقد عدَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البذاءة شعبة من النفاق، وأخبر أن الله -عز وجل- يبغض الفاحش البذيء فقال: «وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِىءَ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
كما بيـَّن -صلى الله عليه وسلم- أن البذاءة طريق إلى النار فقال: «الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
واعلم -رحمك الله- أن من البذاءة استعمال أسماء الحيوانات لوصف الإنسان بها، قال الإمام النووي -رحمه الله- : "ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول الشخص لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين: أحدهما أنه كذب، والآخر أنه إيذاء".اهـ.
أيها الحبيب:
إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن سبِّ الديك فقال: «لاَ تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاَةِ» [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، فهل يليق بنا أن نسب خلق الله الذين شهدوا شهادة الحق؟!
السلف يحذرون من البذاءة:
لقد كان أجدادنا من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- أبعد الناس عن البذاءة والفحش، كما كانوا من أعظم الناس تحذيرًا من هذه الآفة العظيمة التي لا يـُبتلى بها إلا من ضعف إيمانه، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "أَلأَمُ شيءٍ في المؤمن الفحش".
ولما رأى أبو الدرداء -رضي الله عنه- امرأة سليطة اللسان قال: "لو كانت هذه خرساء كان خيرًا لها".
أما الأحنف بن قيس -رحمه الله- فقال: "ألا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء، والخلق الدنيء".
وما أحسن ما قال الشاعر:
انـطــق مـصيـبًا لا تـكــن هَــذِرًا*** عَيَّابةً ناطقـًا بالفحـش والريب
وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر*** فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تجب سائلاً من غير تـرويـة*** وبالذي لم تـُسـل عنه فـلا تُجب
نسأل الله أن يطهرنا من جميع ما لا يرضيه، وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد.
فمما لا شك فيه أن شريفَ النفس لا يستسهل الألفاظ القبيحة؛ حتى لا يكون أهلاً لمقت الله، واستخفاف الناس بشخصه، ولا شك أن بذاءة اللسان مذمومة ومنهي عنها، ولا شك أيضا أن الألفاظ القبيحة كثيرة.
الباعث على البذاءة:
ومصدر البذاءة الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم؛ لأن من عادتهم السب.
وفي كل الأحوال فقد نهى الله -عز وجل- عن البذاءة، والمجاهرة بالألفاظ القبيحة في قوله -تعالى-: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [النساء: 148]، بل بيَّن الله في كتابه أن ذلك من صفات المنافقين الذين وصف الله حالهم مع المؤمنين، فقال: {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} [الأحزاب: 19].
فالمؤمن لا يجاري السفهاء وأصحاب الخلاعة والبذاءة، بل يحافظ على مروءته صيانةً لنفسه، وقد قيل: "احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خيرٌ من مشاكلته".
وقال بعض الشعراء:
احـفـظ لسانـك إن لـقيت مشـاتمًا*** لا تــجـريـن مــع الـلــئـيــم إذا جــرى
من يشتري عرض اللئيم بعرضه*** يحوي الندامة حين يعرض ما اشترى
من مواضع البذاءة والفحش:
هناك الكثير من المواضع والأوقات التي يلجأ فيها بعض ضعاف الإيمان ومن ساءت أخلاقهم للبذاءة، وقد بين شيئا منها الإمام الغزالي -رحمه الله- فقال:
"ومواضع ذلك متعددة، ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها، فإن التصريح في مثل هذه الحال فحش وينبغي الكناية عنها. وأكثر ما يكون في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به، فإن لأهل الفساد عبارات صريحةً فاحشة يستعملونها!!
وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشون عنها، ويدلون عليها بالرموز فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها، ألم تر أن الله -عز وجل- كنى باللمس عن الجماع؟!، ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل: المس، واللمس، والدخول، والصحبة... ويدخل الفحش أيضًا والبذاءة في ذكر النساء والكلام عنهنَّ، وكذلك يدخل في ذكر العيوب التي يستحيا منها كالأعرج والأقرع، فلا ينبغي أن يُعبر عنها بصريح اللفظ".اهـ.
وقد عدَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البذاءة شعبة من النفاق، وأخبر أن الله -عز وجل- يبغض الفاحش البذيء فقال: «وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِىءَ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
كما بيـَّن -صلى الله عليه وسلم- أن البذاءة طريق إلى النار فقال: «الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» [رواه الترمذي، وصححه الألباني].
واعلم -رحمك الله- أن من البذاءة استعمال أسماء الحيوانات لوصف الإنسان بها، قال الإمام النووي -رحمه الله- : "ومن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول الشخص لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين: أحدهما أنه كذب، والآخر أنه إيذاء".اهـ.
أيها الحبيب:
إذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن سبِّ الديك فقال: «لاَ تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلاَةِ» [رواه أبو داود، وصححه الألباني]، فهل يليق بنا أن نسب خلق الله الذين شهدوا شهادة الحق؟!
السلف يحذرون من البذاءة:
لقد كان أجدادنا من الصحابة والتابعين -رضي الله عنهم- أبعد الناس عن البذاءة والفحش، كما كانوا من أعظم الناس تحذيرًا من هذه الآفة العظيمة التي لا يـُبتلى بها إلا من ضعف إيمانه، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "أَلأَمُ شيءٍ في المؤمن الفحش".
ولما رأى أبو الدرداء -رضي الله عنه- امرأة سليطة اللسان قال: "لو كانت هذه خرساء كان خيرًا لها".
أما الأحنف بن قيس -رحمه الله- فقال: "ألا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء، والخلق الدنيء".
وما أحسن ما قال الشاعر:
انـطــق مـصيـبًا لا تـكــن هَــذِرًا*** عَيَّابةً ناطقـًا بالفحـش والريب
وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر*** فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تجب سائلاً من غير تـرويـة*** وبالذي لم تـُسـل عنه فـلا تُجب
نسأل الله أن يطهرنا من جميع ما لا يرضيه، وصلِ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد.