الرِّياضة مَصدر راضَ، يقال: راضَ المُهرُ يَروضُه رِياضًا ورياضةً فهو مَروض أي ذَلَّلَه وأسلسَ قِيادَه، ورياضة البدن معالجتُه بألوان من الحركة لتهيئة أعضائه لأداء وظائفها بسهولة، وقد قال المختصُّون : إن هذه الرياضة توفِّر للجسم قوته وتزيل عنه أمراضًا ومخلّفات ضارة بطريقة طبيعية هي أحسن الطُّرق في هذا المجال.
والناس من قديم الزمان لهم طُرق وأساليب في تقوية أجسامهم بالرياضة، وكل أمة أخذت منها ما يُناسِب وضعها ويتّصل بأهدافها، فالأمة الحربية مثلًا عُنِيَتْ بحمل الأثقال وبالرمي واللعب بالسلاح، والأمة التي تكثر فيها السواحل تُعْنَى بالسباحة، والأمة المسالمة الوادِعة تعنى بالتمرينات الحركيّة للأعضاء بمثل ما يُطلَق عليه الألعاب السويديّة.. وهكذا.
وكانت للعرب، كغيرهم من الأمم ـ أنواع من الرياضة أملتْها عليهم ظروف معيشتهم التي تعتمد على الرّحلات، والصيد والغارات والثّارات.
حكم الرياضة في الإسلام
والإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم؛ لأنه يمجِّد القوة، فهي وصف كمال لله تعالى ذي القوة المَتين، والحديث الشريف يقول: "المؤمِن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمِن الضعيف" رواه مسلم، والجسم القوي أقدرُ على أداء التكاليف الدينيّة والدنيويّة، والإسلام لا يُشَرِّع ما فيه إضعاف الجسم إضعافًا يُعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل خفّف عنه بعض التشريعات إبقاءً على صحّة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمَن عجز عن القيام، وأباح الفِطر لغير القادرين على الصّيام، ووضع الحجّ والجهاد وغيرهما عن غير المُستطيع، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أرهق نفسَه بالعِبادة صيامًا وقيامًا "صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنّ لبدنِك عليك حَقًّا؛ وإنّ لعينِك عليك حقًّا" رواه البخاري ومسلم.
أثر الرياضة على جسم الإنسان
وقد ذكر ابن القيّم في كتابه زاد المعاد عند الكلام على الرياضة، أن الحركة هي عماد الرياضة، وهي تخلِّص الجسم من رواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي، وتعوِّد البدن الخِفّة والنشاط وتجعله قابلًا للغذاء وتُصلِّب المفاصل وتقوِّي الأوتار والرّباطات، وتؤمن جميع الأمراض الماديّة وأكثر الأمراض المِزاجية، إذا استُعمل القَدْر المعتدِل منها في دقّة وكان التدبير يأتي صوابًا وقال: كل عضو له رياضة خاصّة يَقوَى بها، وأما ركوب الخيل ورمي النِّشاب والصراع والمسابقة على الأقدام فرياضة للبدن كله، وهي قالعة لأمراض مُزمنة.
مظاهر الرياضة في الإسلام
ومظاهر الرياضة البدنيّة في الإسلام كثيرة، والتكاليف الإسلاميّة نفسها يشتمل كثير منه على رياضات للأعضاء إلى جانب إفادتها رياضة للرّوح واستقامة السلوك، فالصلاة بما فيها من طَهارة وحركات لمُعظم أجزاء الجسم، والحجّ بمناسِكه المتعدّدة، وزيارة الإخوان وعيادة المَرضَى والمشي إلى المساجد وأنواع النشاط الاجتماعي كلها تمرين لأعضاء الجسم وتقوية له ما دامت في الحدّ المعقول.
آداب وآخلاقيات الرياضي
وقد أقر الإسلام الرياضة، وشجع عليها. وبهذا نعرف مدى مرونة الإسلام وشمول هدايته لكل مظاهر الحضارة الصحيحة، وفي الإطار العادل الذي وضَعه للمصلحة، ويُلاحَظ أن التربية الرياضية لا تُثمِر ثمرتها المرجوّة إلا إذا صحبتها الرياضة الرُّوحيّة الأخلاقيّة، وإذا كانت هناك مُباريات يجب أن يحافَظ على آدابِها، التي من أهمِّها عدم التعصُّب الممقوت، فإذا حدَث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشريّة، وجب أن يكون في أدب وذوق، فالقَدَر قد يُخبِّئ للإنسان ما لا يسُرُّه، وقد تكون الجولات المستقبَلة في غير صالح الفائز الآن. ولا يُحِبّ أن تكون هناك شماتة به، فيجب عليه أن يُحِبّ للناس، ما يُحبُّه لنفسه، ويَكره لهم ما يكرهه لنفسه، وقد رأيتم أن الأعرابي سبق بقعوده ناقة النبيّ التي كانت لا تُسبق، ولما شقَّ على المسلمين ذلك تمثلت الرّوح الرياضيّة الصحيحة ـ كما يعبِّر المتحدِّثون ـ عند النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إن حَقًّا على الله ألّا يرفع شيئًا من الدُّنيا إلا وَضَعه، وذلك لِيُهدِّئَ من ثائرة المتحمِّسين له. وقد سبق أنه قال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك.
والأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة يحتِّم عدم نسيان الشرف والذوق، وعدم الفجور في المخاصمة فتلك من خِصال المنافقين، ففي حديث البخاري ومسلم "أربع مَن كن فيه كان مُنافقًا خالِصًا. ومن كانت فيه خَصلة منهنّ كان فيه خَصلة من النّفاق حتّى يدعَها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كَذَب، وإذا عاهَد غَدَر، وإذا خاصَم فَجَر".
والإسلام لا يرضَى الانحراف عن هذه الآداب في ممارسة الرياضة وفي إقامة المباريات.
(أ) لا يرضَى أن يلهوَ الشباب بها إلى حدِّ نسيان الواجبات الدينيّة والوطنيّة والواجبات الأخرى، ولا يرضَى أن نصرِف لها اهتمامًا كبيرًا يغطِّي على ما هو أعظم منها بكثير.
(ب) لا يرضى أن نمارِس الرياضة بشكل يؤذِي الغير، كما يمارس البعض لعب الكرة في الأماكن الخاصّة بالمرور أو حاجات الناس، وفي أوقات ينبغي أن تُوفَّر فيها الراحةُ للمحتاجين إليها. والإسلام نَهى عن الضَّرر والضِّرار.
(جـ) لا يرضى التحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد، ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف.
(د) لا يرضى أن توجَّه الكلمات النابية من فريق لآخر، ويَكره التصرّفاتِ الشاذّة التي لا تَليق بإنسان له كرامته. وبشخص يشجع عملًا فيه الخير لتكوين المواطن الصالح جِسميًّا وخُلُقِيًّا.
(هـ) لا يرضَى عن الألعاب الجماعيّة التي يشترك فيها الجنسان، ويحدث فيها كشف للعورات أو أمور يَنهَى عنها الدِّين.
(و) لا يرضى عن الألعاب التي تثير الشّهوة وتحدث الفتنة، كرياضة الرّقص من النساء حين تُعرَض على الجماهير.
(ز) لا يرضى لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تَليق به، ولا تتناسب مع غيره في تكوينه وفي مهمّته، ورسالته في الحياة.
وذلك أن الإسلام حين يُبيح شيئًا ويُجيزه يجعل له حدودًا تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتّسق مع الحكمة العامّة للتشريع، وفي إطار هذه الحدود يجِب أن تُمارَس الرياضة، وإلا كان ضررُها أكبرَ من نفعها، وذلك مَناط تحريمها، كما هي القاعدة العامة للتشريع، ويُشير إلى ذلك كله قوله تعالى: (يا أيُّها الذين آمنُوا لا تُحَرِّموا طَيِّباتِ مَا أحَلَّ اللهُ لكُمْ ولا تَعتدُوا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) (سورة المائدة : 87) فالآية بعموم لفظها تحرِّم الاعتداءَ في كلّ تصرُّف سواء أكان ذلك مَطعومًا أم ملبوسًا أم شيئًا آخرَ وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوُز الحد المعقول الذي شرَعه الدِّين.
والناس من قديم الزمان لهم طُرق وأساليب في تقوية أجسامهم بالرياضة، وكل أمة أخذت منها ما يُناسِب وضعها ويتّصل بأهدافها، فالأمة الحربية مثلًا عُنِيَتْ بحمل الأثقال وبالرمي واللعب بالسلاح، والأمة التي تكثر فيها السواحل تُعْنَى بالسباحة، والأمة المسالمة الوادِعة تعنى بالتمرينات الحركيّة للأعضاء بمثل ما يُطلَق عليه الألعاب السويديّة.. وهكذا.
وكانت للعرب، كغيرهم من الأمم ـ أنواع من الرياضة أملتْها عليهم ظروف معيشتهم التي تعتمد على الرّحلات، والصيد والغارات والثّارات.
حكم الرياضة في الإسلام
والإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم؛ لأنه يمجِّد القوة، فهي وصف كمال لله تعالى ذي القوة المَتين، والحديث الشريف يقول: "المؤمِن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمِن الضعيف" رواه مسلم، والجسم القوي أقدرُ على أداء التكاليف الدينيّة والدنيويّة، والإسلام لا يُشَرِّع ما فيه إضعاف الجسم إضعافًا يُعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل خفّف عنه بعض التشريعات إبقاءً على صحّة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمَن عجز عن القيام، وأباح الفِطر لغير القادرين على الصّيام، ووضع الحجّ والجهاد وغيرهما عن غير المُستطيع، وقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أرهق نفسَه بالعِبادة صيامًا وقيامًا "صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنّ لبدنِك عليك حَقًّا؛ وإنّ لعينِك عليك حقًّا" رواه البخاري ومسلم.
أثر الرياضة على جسم الإنسان
وقد ذكر ابن القيّم في كتابه زاد المعاد عند الكلام على الرياضة، أن الحركة هي عماد الرياضة، وهي تخلِّص الجسم من رواسب وفضلات الطعام بشكل طبيعي، وتعوِّد البدن الخِفّة والنشاط وتجعله قابلًا للغذاء وتُصلِّب المفاصل وتقوِّي الأوتار والرّباطات، وتؤمن جميع الأمراض الماديّة وأكثر الأمراض المِزاجية، إذا استُعمل القَدْر المعتدِل منها في دقّة وكان التدبير يأتي صوابًا وقال: كل عضو له رياضة خاصّة يَقوَى بها، وأما ركوب الخيل ورمي النِّشاب والصراع والمسابقة على الأقدام فرياضة للبدن كله، وهي قالعة لأمراض مُزمنة.
مظاهر الرياضة في الإسلام
ومظاهر الرياضة البدنيّة في الإسلام كثيرة، والتكاليف الإسلاميّة نفسها يشتمل كثير منه على رياضات للأعضاء إلى جانب إفادتها رياضة للرّوح واستقامة السلوك، فالصلاة بما فيها من طَهارة وحركات لمُعظم أجزاء الجسم، والحجّ بمناسِكه المتعدّدة، وزيارة الإخوان وعيادة المَرضَى والمشي إلى المساجد وأنواع النشاط الاجتماعي كلها تمرين لأعضاء الجسم وتقوية له ما دامت في الحدّ المعقول.
آداب وآخلاقيات الرياضي
وقد أقر الإسلام الرياضة، وشجع عليها. وبهذا نعرف مدى مرونة الإسلام وشمول هدايته لكل مظاهر الحضارة الصحيحة، وفي الإطار العادل الذي وضَعه للمصلحة، ويُلاحَظ أن التربية الرياضية لا تُثمِر ثمرتها المرجوّة إلا إذا صحبتها الرياضة الرُّوحيّة الأخلاقيّة، وإذا كانت هناك مُباريات يجب أن يحافَظ على آدابِها، التي من أهمِّها عدم التعصُّب الممقوت، فإذا حدَث انتصار لفرد أو فريق وكان الفرح بذلك على ما تقتضيه الطبيعة البشريّة، وجب أن يكون في أدب وذوق، فالقَدَر قد يُخبِّئ للإنسان ما لا يسُرُّه، وقد تكون الجولات المستقبَلة في غير صالح الفائز الآن. ولا يُحِبّ أن تكون هناك شماتة به، فيجب عليه أن يُحِبّ للناس، ما يُحبُّه لنفسه، ويَكره لهم ما يكرهه لنفسه، وقد رأيتم أن الأعرابي سبق بقعوده ناقة النبيّ التي كانت لا تُسبق، ولما شقَّ على المسلمين ذلك تمثلت الرّوح الرياضيّة الصحيحة ـ كما يعبِّر المتحدِّثون ـ عند النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: إن حَقًّا على الله ألّا يرفع شيئًا من الدُّنيا إلا وَضَعه، وذلك لِيُهدِّئَ من ثائرة المتحمِّسين له. وقد سبق أنه قال لعائشة لما سبقها: هذه بتلك.
والأدب الإسلامي عند الخصومة والمنافسة يحتِّم عدم نسيان الشرف والذوق، وعدم الفجور في المخاصمة فتلك من خِصال المنافقين، ففي حديث البخاري ومسلم "أربع مَن كن فيه كان مُنافقًا خالِصًا. ومن كانت فيه خَصلة منهنّ كان فيه خَصلة من النّفاق حتّى يدعَها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدَّث كَذَب، وإذا عاهَد غَدَر، وإذا خاصَم فَجَر".
والإسلام لا يرضَى الانحراف عن هذه الآداب في ممارسة الرياضة وفي إقامة المباريات.
(أ) لا يرضَى أن يلهوَ الشباب بها إلى حدِّ نسيان الواجبات الدينيّة والوطنيّة والواجبات الأخرى، ولا يرضَى أن نصرِف لها اهتمامًا كبيرًا يغطِّي على ما هو أعظم منها بكثير.
(ب) لا يرضى أن نمارِس الرياضة بشكل يؤذِي الغير، كما يمارس البعض لعب الكرة في الأماكن الخاصّة بالمرور أو حاجات الناس، وفي أوقات ينبغي أن تُوفَّر فيها الراحةُ للمحتاجين إليها. والإسلام نَهى عن الضَّرر والضِّرار.
(جـ) لا يرضى التحزُّب الممقوت، الذي فرَّق بين الأحبّة، وباعد بين الإِخوة، وجعل في الأمّة أحزابًا وشيَعًا، والإسلام يدعو إلى الاتّحاد، ويَمقُتُ النِّزاع والخلاف.
(د) لا يرضى أن توجَّه الكلمات النابية من فريق لآخر، ويَكره التصرّفاتِ الشاذّة التي لا تَليق بإنسان له كرامته. وبشخص يشجع عملًا فيه الخير لتكوين المواطن الصالح جِسميًّا وخُلُقِيًّا.
(هـ) لا يرضَى عن الألعاب الجماعيّة التي يشترك فيها الجنسان، ويحدث فيها كشف للعورات أو أمور يَنهَى عنها الدِّين.
(و) لا يرضى عن الألعاب التي تثير الشّهوة وتحدث الفتنة، كرياضة الرّقص من النساء حين تُعرَض على الجماهير.
(ز) لا يرضى لجنس أن يزاول ألعاب جنس آخر تَليق به، ولا تتناسب مع غيره في تكوينه وفي مهمّته، ورسالته في الحياة.
وذلك أن الإسلام حين يُبيح شيئًا ويُجيزه يجعل له حدودًا تمنع خروجه عن حد الاعتدال وتحافظ على الآداب وتتّسق مع الحكمة العامّة للتشريع، وفي إطار هذه الحدود يجِب أن تُمارَس الرياضة، وإلا كان ضررُها أكبرَ من نفعها، وذلك مَناط تحريمها، كما هي القاعدة العامة للتشريع، ويُشير إلى ذلك كله قوله تعالى: (يا أيُّها الذين آمنُوا لا تُحَرِّموا طَيِّباتِ مَا أحَلَّ اللهُ لكُمْ ولا تَعتدُوا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ) (سورة المائدة : 87) فالآية بعموم لفظها تحرِّم الاعتداءَ في كلّ تصرُّف سواء أكان ذلك مَطعومًا أم ملبوسًا أم شيئًا آخرَ وراء ذلك، والاعتداء هو تجاوُز الحد المعقول الذي شرَعه الدِّين.