إنَّ ما قد يقع من بعض الدعاة إلى الله وطلبة العلم من إساءة الظن ببعض علماء الأمة نتيجة لتصرف ما صدر من ذلك العالم -وقد يكون ذلك العالم مصيبًا في تصرفه أو على الأقل حسن القصد فيه لهو خطأ جسيم، فكيف إذا وصل الحد إلى أن يتهم في قصده ونيته؟!
وهنا أسوق لك قصة حصلت بين عالمين، تتضمن حسن المعاتبة، وبيان ما ينبغي أن يكون عليه المسلم تجاه أخيه المسلم من حسن الظن به، والتماس الأعذار لزلاته.
وقد ساق هذه القصة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في [الفتاوى السعدية ص 71-73]، وحاصلها:
"أنّ أحد العلماء كتب لعالم آخر كتابًا ينتقده فيه انتقادًا شديدًا في بعض المسائل ويذكر أنّه قد أخطأ فيها، بل أنّه قدح في قصده ونيته، وادعى أنّه يدين الله ببغضه! بناء على ما توهم من خطئه".
فأجاب المكتوب له: "يا أخي إنّك إذ تركت ما يجب عليك من المودة الدينية، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيئ -على فرض انه أخطأ- وتجنبت الدعوة إلى الله بالحكمة في مثل هذه الأمور فإني أخبرك -قبل الشروع في جوابي لك، عما انتقدتني عليه- بأنّي لا أترك ما يجب عليّ من الإقامة على مودتك، والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك، انتصارًا لنفسي، بل أزيد على ذلك إقامة العذر لك في قدحك في أخيك، بأن الدافع لك على ذلك قصد حسن، لكن لم يصحبه علم يصححه، ولا معرفة تبين مرتبته، ولا ورع صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجيه الشارع عليه.
فلحسن قصدك عفوت لك عما كان منك لي من الاتهام بالقصد السيئ، فهب أن الصواب معك يقينًا، فهل خطأ الإنسان عنوان على سوء قصده؟!
لو كان الأمر كذلك للزم رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة! لأنه لا يسلم من الخطأ أحد، إلا من رحم الله.
وهل هذا الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما اجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيء إذا أخطأ، والله -تعالى- قد عفا عن خطأ المؤمنين في الأقوال والأفعال وجميع الأحوال.
ثم أقول: هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة من دلت القرائن والعلامات على قصده السيئ، أفيحل -فيمن عندك من الأدلة الكثيرة على حسن قصده وبعده عن إرادة السوء- أن تتوهم فيه شيئًا مما رميته به؟!
وأنّ الله -تعالى- أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيرًا إذا قيل فيهم خلاف ما يقتضيه الإيمان، فقال -تعالى-: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً...} [النور: 12].
واعلم أنّ هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت، فإني كما أشرت لك قد عفوت عن حقي -إن كان لي حق- ولكن الغرض النصيحة، وبيان موقع هذا الاتهام من العقل والدين والمروءة الإنسانية..".
ثم شرع في الجواب عما انتقده به.
فهلا كان هذا الأدب شعارًا لنا نحن طلبة العلم!
وهنا أسوق لك قصة حصلت بين عالمين، تتضمن حسن المعاتبة، وبيان ما ينبغي أن يكون عليه المسلم تجاه أخيه المسلم من حسن الظن به، والتماس الأعذار لزلاته.
وقد ساق هذه القصة الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله تعالى- في [الفتاوى السعدية ص 71-73]، وحاصلها:
"أنّ أحد العلماء كتب لعالم آخر كتابًا ينتقده فيه انتقادًا شديدًا في بعض المسائل ويذكر أنّه قد أخطأ فيها، بل أنّه قدح في قصده ونيته، وادعى أنّه يدين الله ببغضه! بناء على ما توهم من خطئه".
فأجاب المكتوب له: "يا أخي إنّك إذ تركت ما يجب عليك من المودة الدينية، وسلكت ما يحرم عليك من اتهام أخيك بالقصد السيئ -على فرض انه أخطأ- وتجنبت الدعوة إلى الله بالحكمة في مثل هذه الأمور فإني أخبرك -قبل الشروع في جوابي لك، عما انتقدتني عليه- بأنّي لا أترك ما يجب عليّ من الإقامة على مودتك، والاستمرار على محبتك المبنية على ما أعرفه من دينك، انتصارًا لنفسي، بل أزيد على ذلك إقامة العذر لك في قدحك في أخيك، بأن الدافع لك على ذلك قصد حسن، لكن لم يصحبه علم يصححه، ولا معرفة تبين مرتبته، ولا ورع صحيح يوقف العبد عند حده الذي أوجيه الشارع عليه.
فلحسن قصدك عفوت لك عما كان منك لي من الاتهام بالقصد السيئ، فهب أن الصواب معك يقينًا، فهل خطأ الإنسان عنوان على سوء قصده؟!
لو كان الأمر كذلك للزم رمي جميع علماء الأمة بالقصود السيئة! لأنه لا يسلم من الخطأ أحد، إلا من رحم الله.
وهل هذا الذي تجرأت عليه إلا مخالف لما اجمع عليه المسلمون من أنه لا يحل رمي المسلم بالقصد السيء إذا أخطأ، والله -تعالى- قد عفا عن خطأ المؤمنين في الأقوال والأفعال وجميع الأحوال.
ثم أقول: هب أنه جاز للإنسان القدح في إرادة من دلت القرائن والعلامات على قصده السيئ، أفيحل -فيمن عندك من الأدلة الكثيرة على حسن قصده وبعده عن إرادة السوء- أن تتوهم فيه شيئًا مما رميته به؟!
وأنّ الله -تعالى- أمر المؤمنين أن يظنوا بإخوانهم خيرًا إذا قيل فيهم خلاف ما يقتضيه الإيمان، فقال -تعالى-: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً...} [النور: 12].
واعلم أنّ هذه المقدمة ليس الغرض منها مقابلتك بما قلت، فإني كما أشرت لك قد عفوت عن حقي -إن كان لي حق- ولكن الغرض النصيحة، وبيان موقع هذا الاتهام من العقل والدين والمروءة الإنسانية..".
ثم شرع في الجواب عما انتقده به.
فهلا كان هذا الأدب شعارًا لنا نحن طلبة العلم!