كم كان ارتباطهما جميلا في بداية الزواج ، لكأنهما كانا نجمان يتألقان ، تغمرهما فرحة اللقاء , ينصتان لبعضهما باهتمام ، يدونان أفكارهما ، يحفظانهامنقوشة بخاطرهما .
وتمضي بهما الساعات ويتحرك قارب الزمن في سعادة ، وأشياء كثيرة تسبح بداخلهما ، تتقاذفها أمواج الحياة ، ثم تنطلق فتطفو على السطح ، تتنفس عطر الكلمات ، تستجيب لصوت يهتف بهما ، متناغما مع شهد الإحساس ، تلك أحرف ضمتها الشفاه في عقد فريد , وحوار يجري له صدى يتغلغل في الأعماق ، يغريهما بمزيد من بوح الخواطر , ويزيد قربهما قربا بقدره لقد كانا يكملان بعضهما ، يرسمان بنفس الريشة صور حياتهما ، ويكتبان معا بحبر القلم كلمات تحكي قصتهما من أول الميلاد , ويشيدان معا البناء الأسري المبارك في تناسق عجيب ، يزيده بهاء الإيمان بالله والرغبة في العمل له ووحدة الاختيار ، وقوة الترابط ، وتشابك روحيهما في انسجام..
كلاهما كان يلامس حقيقة أنه يحب من اختاره شريكا لحياته ، وأحلامه ، وطموحاته اختيارا يرضي ربه .. وأنه يشعر بوجوده ، وبشغف به غير معتاد ، وبمودته التي كلها أسرار , كانا يفهمان بعضهما ، وشفاههما مطبقة على صمتهما ، لكن بريق أعينهما يترجم كل معاني الكلمات ، ويفك ألغاز الإشارات , وتواصل بينهما ذاك الشعور الزوجي الروحي الصادق فكانا يحبان بعضهما حبا حقيقيا ، وصادقا مخلصا ، تحدى اهتماماتهما المادية ، وانتصر على طموحاتهما الثائرة ، وتجاوز أحلامهما المتمردة ..
إلا أن دوامة الحياة رحلت بهما عبر الزمان والمكان ، فبدآ يشعران بغربة الذات والكلمات ، واختلال ترتيب أحرف الهجاء ، وشحوب المعاني بينهما، وتلعثم النبرات ، ما أضفى اغترابا على الحديث بينهما , ونفورا توالد بينهما , تزايد عبر الأيام , لكأنه الخرس قد أصاب الشفاه , والنفور والانكماش قد أصاب حياة كل شخص وأخذها بعيدة عن الآخر , فصارا يعيشان في بيت واحد بروحين مغتربتين ..!
ماذا تبقى من ذكريات السعادة وفرحة الاختيار وألوان العرس ، وزينة الفرح ؟ ليس إلا ذكريات جميلة مضت ، تلاشت تدريجيا ، وهي تذوب وتحترق كالشموع بين أنياب الخلافات اليومية البائسة وكلمات العتاب الدائمة , وسلوكيات الغضب الجارحة ..
ويوما بعد يوم تخر قواهما ، تتضاءل عزائمهما ، تتبخر أحلامهما ، فتذبل وردة تزين مزهرية حياة ، وتنطفئ شمعة من شموعهما ، فيخيم بعدها الظلام ، ويظل الأمل يحدوهما ، ليبحرا من جديد بمنأى عن قصف العواصف ، وإعصار الاهتمامات المادية ، وضغوط الحياة اليومية ..
وفي كل مرة كانا يواجهان معاناة جديدة ، فيتحديان الأمواج الهائجة ، والغيوم السوداء العاصفة بحياتهما ..
وعندما يضعف نضالهما ، تهزم فرحتهما ، فيصرخ الألم ، يحط على الأغصان ، يصدح بالآهات ، يفجر أدمعا من المآقي ، فتختنق الأنفاس بالعبرات ..
لقد غيرتهما تقلبات الزمن ، وتكاثف المحن ، وتراكم الشدائد ، وتزاحم النكبات واشتداد الضربات ، ومعايشة يومية لأصناف شتى من الناس ، تختلف أمزجتهم وطبائعهم ، ومواجهة لألوان متناقضة من المواقف والصور والمظاهر الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية , لقد خنقهما احساس التقصير , وأشعل النار بينهما نفثات الشيطان , وبدأ شعور كل منهما بعدم الرغبة تجاه الآخر في مشاركته آلامه وآماله , بل حتى لمشاركته مجرد الكلمات اليومية والحكايات العارضة.
اشتدت لهجتهما تجاه بعضهما ، وقست عواطفهما ، وتبلدت مشاعرهما ، وضعفت حكمتهما ومنطق عقلهما ، فتحولا رغما عنهما من حالة هدوء عاطفي واتزان سلوكي ، واعتدال مزاجي لحالة من التوتر العصبي ، والإرهاق النفسي والفكري والجسدي , تحت تأثير سلطان ما سبق وما اختزن بداخلهما .
وتأجج بركان من غضب ، وثورة انفعالات فجرت أمورا ساكنة بداخلهما أزكاها الشيطان بينهما , وكأن الحقوق والواجبات بينهما قد صارت جامدة جافة , تتجمد يوما وتضيع اياما ، وتكاثرت الأنفعالات , فتطاير شظى لهيبها ، وسرى حمما بشرايينهما ، فطمح كلاهما للتخلص من معاناته وتخفيف ثورة قهره ، بمواجهة الآخر وحربه انتصارا على ضعفه وفشله في ردع طوفانه ..واعتبره عدوا له لا صديقا , وغريما له لا محبا , وخصما من خصومه لا جزءا من أجزاء حياته !
هنا يتبين هل ينتصر الحب الروحي الإيماني الأسري بين زوجين أو ينهزم ، بحسب قوة وضعف ارتباطهما بربهما وقيم نبيهما ، وبحسب صدق إحساسهما ، والتزامهما بالمسؤولية المشتركة بينهما في تحمل مشاق الحياة والصبر عليها..
إن وجود حب حقيقي نقي شفاف وصادق بين زوجين هو سلاحهما الذي يحاربان به ويتقويان على ضعفهما , هو ضماد جراحهما ، وترياق معاناتهما ، هو حصانتهما في مواجهة تيار التحديات ومقارعة الصعاب ..
حين يدرك الزوجان أن حياتهما ووجودهما معا روحا وجسدا واحدا ، يتشاركان معا الأفراح والأتراح ، والابتسامات والدموع ، والصمت والكلام ، والهدوء والغضب , ويواجهان تقلبات الحياة بتناقضاتها بوعي ونضج فكري ، واتزان نفسي ، والتحام عاطفي حينها سيظلان يشعران بنفس الإحساس عند بداية زواجهما ، وسيحتفظان بفرحتهما ، والأجواء المفعمة بمشاعر الحب والتقدير والاحترام...
ومهما قويت شوكة التحديات ، وحجم الخسائر والمعاناة , فهي قاصرة عن استنزاف توجهاتهما وميولهما المعنوية ..
لكن حين يفرطان في النظر لبعضهما من منطلق معادلة مادية أساسها الربح والخسارة ، ويتعاملان وفق إيقاعات تحقيق المصالح والمكاسب .. سيصارعان معا عوامل التصحر والجفاف العاطفي والوجداني ، ويتجاهلان اهتمامات ومصالح الآخر لدرجة يفقدان فيها حتى الإحساس ببعضهما وجودا روحيا وجسديا ، حتى ساعات الزمن تتحول لديهما لأرقام حسابية ، لا قيمة لصرفها ، أو تضييعها في تبادل مشاعر الحب والمودة والرحمة والحنان والمعاني الجميلة.
إن سر نجاح الحياة الزوجية ونمائها وقوتها -بعون الله وتوفيقه- كامن في وجود عواطف صادقة مخلصة ، لا ينضب فيض معينها ولا يفتر عطاؤها ، فهي الماء العذب الزلال ، هي عطر الحياة فواح ، هي زاد الروح ، وبلسم القلب ، هي سر السعادة ينشدها الغرباء.
وتمضي بهما الساعات ويتحرك قارب الزمن في سعادة ، وأشياء كثيرة تسبح بداخلهما ، تتقاذفها أمواج الحياة ، ثم تنطلق فتطفو على السطح ، تتنفس عطر الكلمات ، تستجيب لصوت يهتف بهما ، متناغما مع شهد الإحساس ، تلك أحرف ضمتها الشفاه في عقد فريد , وحوار يجري له صدى يتغلغل في الأعماق ، يغريهما بمزيد من بوح الخواطر , ويزيد قربهما قربا بقدره لقد كانا يكملان بعضهما ، يرسمان بنفس الريشة صور حياتهما ، ويكتبان معا بحبر القلم كلمات تحكي قصتهما من أول الميلاد , ويشيدان معا البناء الأسري المبارك في تناسق عجيب ، يزيده بهاء الإيمان بالله والرغبة في العمل له ووحدة الاختيار ، وقوة الترابط ، وتشابك روحيهما في انسجام..
كلاهما كان يلامس حقيقة أنه يحب من اختاره شريكا لحياته ، وأحلامه ، وطموحاته اختيارا يرضي ربه .. وأنه يشعر بوجوده ، وبشغف به غير معتاد ، وبمودته التي كلها أسرار , كانا يفهمان بعضهما ، وشفاههما مطبقة على صمتهما ، لكن بريق أعينهما يترجم كل معاني الكلمات ، ويفك ألغاز الإشارات , وتواصل بينهما ذاك الشعور الزوجي الروحي الصادق فكانا يحبان بعضهما حبا حقيقيا ، وصادقا مخلصا ، تحدى اهتماماتهما المادية ، وانتصر على طموحاتهما الثائرة ، وتجاوز أحلامهما المتمردة ..
إلا أن دوامة الحياة رحلت بهما عبر الزمان والمكان ، فبدآ يشعران بغربة الذات والكلمات ، واختلال ترتيب أحرف الهجاء ، وشحوب المعاني بينهما، وتلعثم النبرات ، ما أضفى اغترابا على الحديث بينهما , ونفورا توالد بينهما , تزايد عبر الأيام , لكأنه الخرس قد أصاب الشفاه , والنفور والانكماش قد أصاب حياة كل شخص وأخذها بعيدة عن الآخر , فصارا يعيشان في بيت واحد بروحين مغتربتين ..!
ماذا تبقى من ذكريات السعادة وفرحة الاختيار وألوان العرس ، وزينة الفرح ؟ ليس إلا ذكريات جميلة مضت ، تلاشت تدريجيا ، وهي تذوب وتحترق كالشموع بين أنياب الخلافات اليومية البائسة وكلمات العتاب الدائمة , وسلوكيات الغضب الجارحة ..
ويوما بعد يوم تخر قواهما ، تتضاءل عزائمهما ، تتبخر أحلامهما ، فتذبل وردة تزين مزهرية حياة ، وتنطفئ شمعة من شموعهما ، فيخيم بعدها الظلام ، ويظل الأمل يحدوهما ، ليبحرا من جديد بمنأى عن قصف العواصف ، وإعصار الاهتمامات المادية ، وضغوط الحياة اليومية ..
وفي كل مرة كانا يواجهان معاناة جديدة ، فيتحديان الأمواج الهائجة ، والغيوم السوداء العاصفة بحياتهما ..
وعندما يضعف نضالهما ، تهزم فرحتهما ، فيصرخ الألم ، يحط على الأغصان ، يصدح بالآهات ، يفجر أدمعا من المآقي ، فتختنق الأنفاس بالعبرات ..
لقد غيرتهما تقلبات الزمن ، وتكاثف المحن ، وتراكم الشدائد ، وتزاحم النكبات واشتداد الضربات ، ومعايشة يومية لأصناف شتى من الناس ، تختلف أمزجتهم وطبائعهم ، ومواجهة لألوان متناقضة من المواقف والصور والمظاهر الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية , لقد خنقهما احساس التقصير , وأشعل النار بينهما نفثات الشيطان , وبدأ شعور كل منهما بعدم الرغبة تجاه الآخر في مشاركته آلامه وآماله , بل حتى لمشاركته مجرد الكلمات اليومية والحكايات العارضة.
اشتدت لهجتهما تجاه بعضهما ، وقست عواطفهما ، وتبلدت مشاعرهما ، وضعفت حكمتهما ومنطق عقلهما ، فتحولا رغما عنهما من حالة هدوء عاطفي واتزان سلوكي ، واعتدال مزاجي لحالة من التوتر العصبي ، والإرهاق النفسي والفكري والجسدي , تحت تأثير سلطان ما سبق وما اختزن بداخلهما .
وتأجج بركان من غضب ، وثورة انفعالات فجرت أمورا ساكنة بداخلهما أزكاها الشيطان بينهما , وكأن الحقوق والواجبات بينهما قد صارت جامدة جافة , تتجمد يوما وتضيع اياما ، وتكاثرت الأنفعالات , فتطاير شظى لهيبها ، وسرى حمما بشرايينهما ، فطمح كلاهما للتخلص من معاناته وتخفيف ثورة قهره ، بمواجهة الآخر وحربه انتصارا على ضعفه وفشله في ردع طوفانه ..واعتبره عدوا له لا صديقا , وغريما له لا محبا , وخصما من خصومه لا جزءا من أجزاء حياته !
هنا يتبين هل ينتصر الحب الروحي الإيماني الأسري بين زوجين أو ينهزم ، بحسب قوة وضعف ارتباطهما بربهما وقيم نبيهما ، وبحسب صدق إحساسهما ، والتزامهما بالمسؤولية المشتركة بينهما في تحمل مشاق الحياة والصبر عليها..
إن وجود حب حقيقي نقي شفاف وصادق بين زوجين هو سلاحهما الذي يحاربان به ويتقويان على ضعفهما , هو ضماد جراحهما ، وترياق معاناتهما ، هو حصانتهما في مواجهة تيار التحديات ومقارعة الصعاب ..
حين يدرك الزوجان أن حياتهما ووجودهما معا روحا وجسدا واحدا ، يتشاركان معا الأفراح والأتراح ، والابتسامات والدموع ، والصمت والكلام ، والهدوء والغضب , ويواجهان تقلبات الحياة بتناقضاتها بوعي ونضج فكري ، واتزان نفسي ، والتحام عاطفي حينها سيظلان يشعران بنفس الإحساس عند بداية زواجهما ، وسيحتفظان بفرحتهما ، والأجواء المفعمة بمشاعر الحب والتقدير والاحترام...
ومهما قويت شوكة التحديات ، وحجم الخسائر والمعاناة , فهي قاصرة عن استنزاف توجهاتهما وميولهما المعنوية ..
لكن حين يفرطان في النظر لبعضهما من منطلق معادلة مادية أساسها الربح والخسارة ، ويتعاملان وفق إيقاعات تحقيق المصالح والمكاسب .. سيصارعان معا عوامل التصحر والجفاف العاطفي والوجداني ، ويتجاهلان اهتمامات ومصالح الآخر لدرجة يفقدان فيها حتى الإحساس ببعضهما وجودا روحيا وجسديا ، حتى ساعات الزمن تتحول لديهما لأرقام حسابية ، لا قيمة لصرفها ، أو تضييعها في تبادل مشاعر الحب والمودة والرحمة والحنان والمعاني الجميلة.
إن سر نجاح الحياة الزوجية ونمائها وقوتها -بعون الله وتوفيقه- كامن في وجود عواطف صادقة مخلصة ، لا ينضب فيض معينها ولا يفتر عطاؤها ، فهي الماء العذب الزلال ، هي عطر الحياة فواح ، هي زاد الروح ، وبلسم القلب ، هي سر السعادة ينشدها الغرباء.