منتدي الدعم الفني وضمان الجودة بطما

نحن سعداء بوجودك معنا إذا كنت عضوا تفضل بالدخول وإذا كنت زائرا يسعدنا جدا أن تصبح من أسرتنا وأن تساهم معنا في نشر فكرِ تربوي راقِ

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي الدعم الفني وضمان الجودة بطما

نحن سعداء بوجودك معنا إذا كنت عضوا تفضل بالدخول وإذا كنت زائرا يسعدنا جدا أن تصبح من أسرتنا وأن تساهم معنا في نشر فكرِ تربوي راقِ

منتدي الدعم الفني وضمان الجودة بطما

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شاركنا بأفكارك لنصنع معا مستقبلا أفضل

شاركنا جهود التطوير لا تشاهد وترحل


    من هو سلطان العلماء وبائع الأمراء

    سيد حلمى سيد
    سيد حلمى سيد
    مشرف المنتدى القانوني
    مشرف المنتدى القانوني


    عدد المساهمات : 745
    نقاط : 2145
    تاريخ التسجيل : 23/03/2009
    العمر : 47

    من هو سلطان العلماء وبائع الأمراء Empty من هو سلطان العلماء وبائع الأمراء

    مُساهمة  سيد حلمى سيد الإثنين مايو 18, 2009 10:50 am

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

    فهو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، ثم المصري داراً ووفاة، الشافعي مذهبا، يكنى بأبي محمد ولقـِّب بألقاب عديدة منها: سلطان العلماء لقـَّبه به تلميذه الإمام ابن دقيق العيد كما لقبه بشيخ الإسلام، ولقب أيضا بعز الدين، وشاع بين الناس الإمام العز.

    ولد بدمشق. قيل: سنة 577هـ، عاش في أسرة فقيرة مغمورة لم يكن لها مجد أو سلطان أو علم، نشأ عفيفا شريفا، ذا نفس أبيـَّة؛ إذ لم يـُعرف أنه امتهن مهنة تزري بصاحبها أو تحط من شأنه.

    وكان -رحمه الله- في شبابه متدينا متعبدا رغم فقره وكده على رزقه، ولا أدل على ذلك من مبيته في المسجد الليالي الطوال ينتظر الصلاة كي لا تفوته الجماعة أو يغيب عن الصلاة والعبادة فيه، وكان زاهدا ورعا نزها لا تأخذه في الله لومة لائم، اتفق أهل دمشق على أنه ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضا.

    قال المنذري -رحمه الله-: "سمعتُ منه وكان مهيبا، حسن السمت، مجلسه وقار وسكينة، ويبالغ في الإنصات إلى من يقرأ عليه".

    من صفاته -رحمه الله-:

    1- الشجاعة:

    كان -رحمه الله- شجاعا جريئا لا يخاف في الله لومة لائم، لا يخشى سلطانا، ولا يهاب الموت في سبيل الله.

    ذكر ابن السبكي: أن جماعة من المفسدين قصدوه في ليلة معتمة وهو في بيت أحد العلماء في بستان متطرف عن البساتين، وأحاطوا بالبيت؛ فخاف أهله خوفا شديدا، فعند ذلك نزل إليهم وفتح باب البيت، وقال: أهلا بضيوفنا. وأجلسهم في مقعد حسن، وأخرج لهم ضيافة حسنة، فتناولوها وطلبوا منه الدعاء وانصرفوا إذ كان مهيبا له موقع حسن في القلوب.

    سلطان العلماء وبيع الأمراء في المزاد:

    رأى الشيخ أن المماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب ودفع ثمنهم من بيت مال المسلمين واستعملهم في خدمته، وفي جيشه وتصريف شؤون الدولة يمارسون البيع والشراء؛ وهو تصرف باطل؛ لأن المملوك لا ينفذ تصرفه، وهم أصلا ملكا للدولة. فأخذ لا يمضي لهم بيعا ولا شراء، فتعطلت مصالحهم، فجرى بينهم وبينه كلام، فقال لهم:

    "أنتم الآن أرقاء لا ينفذ لكم تصرف، وإنَّ حكم الرق مستصحب عليكم لبيت مال المسلمين، وقد عزمت على بيعكم فاحتدم الأمر، وحاول السلطان أن يثني الشيخ عن رأيه، ولكنه أصر على ما هو عليه، وكان من جملة هؤلاء المماليك نائب السلطان.

    ولما وصل الأمر إلى السلطان وقد صدر من السلطان كلام فيه غلظة حاصله الإنكار على الشيخ، فأدرك الشيخ أن أعوان الباطل تمالئوا عليه فعزل نفسه عن القضاء، وقرر الرحيل عن مصر؛ فحمل أهله ومتاعه على حمار، وركب على حمار وخرج من القاهرة، وتحركت جموع المسلمين وراءه من الرجال والنساء والصبيان، والعلماء والصالحون، والتجار، فركب السلطان إليه بنفسه ولحقه واسترضاه وطيـَّب قلبه.

    فرجع بشرط أن ينادي على ملوك مصر وأمرائها ويبيعهم فأرسل نائب السلطان إلى الشيخ بالملاطفة، والشيخ لم يتغير.

    فعزم نائب السلطان على قتل الشيخ؛ فخرج ومعه بعض حاشيته إلى بيت الشيخ والسيف في يده صلتاً، فطرق الباب فخرج إليه ولد الشيخ فرأى أمرا جللاً، فعاد إلى الشيخ وأخبره؛ فقال لولده:

    "يا ولدي أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله"!!

    فخرج إليهم. فلما رآه نائب السلطان اهتزت يده، وارتعد وسقط على الأرض وبكى، وسأل الشيخ الدعاء، ثم عقد الشيخ لهم مزادا ونادى عليهم بالبيع، وغالى في أثمانهم ووضع ثمنهم في مصالح المسلمين.

    العز يهدم قاعة المنكر ويسقط عدالة الوزير:

    بعد عام من حادثة بيع الأمراء في المزاد كان معين الدين بن شيخ الشيوخ كبير أمناء الملك، وكان يجمع على منصبه هذا اختصاصات الوزير، وكان قائد الجيش في المعارك، ولكنه كان عابثا متحللا معتدا بقوته ومنصبه؛ فبنى فوق أحد مساجد القاهرة طبلخانة -قاعة لسماع الغناء والموسيقى- وذلك سنة 640هـ، وما إن ثبت ذلك عند الشيخ وهو يتولى منصب قاضي القضاة حتى أصدر أمرا بهدم البناء وقام بنفسه وجمع أولاده والموظفين عنده وأزال هذا البناء من فوق المسجد، وأسقط عدالة الوزير بمعنى عدم قبول روايته وشهادته.

    معارضته لشجرة الدر سلطنتها على مصر:

    وهذا رد على من زعم أن أحدا من علماء الدين لم يبد اعتراضا على توليها الحكم.

    في حرب التتار وفتاويه الشجاعة:

    لما داهم التتار بلاد المسلمين ودمروا بغداد، وعظم خطرهم على بلاد الإسلام؛ قام الشيخ ببث الهمة في نفوس الناس وذكرهم بضرورة الجهاد، وحثَّ السلطان على الجهاد، وبشره بالنصر.

    ولما استشاره السلطان قطز -رحمه الله- في أخذ المال من الرعية لقلة المال في الخزانة وحاجته إلى ذلك في الاستعداد لقتال التتار وافق بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وأن يبيع الأمراء ما لهم من الحوائص الذهبية والآلات النفيسة، ويقتصر كل الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة فنفذ الملك ذلك، وأمر العز العلماء والدعاة ببث روح الجهاد في الجند وفي العامة، والقيام بالدفاع عن الإسلام؛ فكانت المنابر وساحات المساجد تتلى فيها سورة الأنفال والتوبة وآيات الحث على الجهاد، وعلى البذل والتضحية في سبيل الله، فنهض الناس جميعا بين مجاهد ومساعد، وداع وخطيب، كلٌ يجاهد حسب موقعه واستطاعته.

    من صفاته -رحمه الله-:

    2- الزهد:

    ضرب العز مثلا للزهد بسيرته ومواقفه فكان يعيش بين الناس رافضا دنياهم يذكرهم بأخراهم، غير متطلع لما في أيديهم مع مشاركته في أحداث الدنيا، مع انخراطه في حل مشكلاتها ومعضلاتها، وكان لا يرد سائلا.

    3- حـُبـُّه للصدقة:

    كان -رحمه الله- كثير الصدقات باسط اليد فيما يملك، يجود بماله -ولو كان قليلا-.

    حكى القاضي بدر الدين بن جـُماعة أن الشيخ لما كان بدمشق وقع مرة غلاء كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل؛ فأعطته زوجته مصاغا لها وقالت: اشتر لنا به بستانا نصيف به، فأخذ المصاغ وباعه وتصدق بثمنه! فقالت له: يا سيدي اشتريت لنا؟

    قال: نعم. بستانا في الجنة؛ إني وجدت الناس في شدة فتصدقت بثمنه.

    فقالت: جزاك الله خيرا.

    4- ورعه وتقواه:

    كان العز صاحب ورع متعدٍ؛ إذ كان ورعا ويعلم الناس الورع، ومما في ذلك قوله:

    "يجب على الخنثى المشكل أن يستتر في الصلاة كالتستر للنساء احتياطا".

    وقوله: "من نسي ركعتين من السنن الرواتب ولم يعلم أهي سنة الفجر أم سنة الظهر فإنا نأتي بالسنتين لنحصل على المنسية"، ولمن نسي صلاة من صلاتين مفروضتين أيضا.

    5- تواضعه وعدم التكلف:

    مرّ في قصة بيع الأمراء قوله لابنه: "أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله"، وكان لا يتكلف في لباسه فكان يلبس العمامة، ومرة قبعة من لـُبـَّاد بحسب ما تيسر له، ويحضر بها المناسبات والمواكب.

    6- بلاغته وفصاحته:

    كان -رحمه الله- بليغا فصيحا قوي العبارة؛ من أقواله وعباراته:
    "الشرع ميزان يوزن به الرجال، وبه يتيقن الرابح من الخسران، فمن رجح في ميزان الشرع كان من أولياء الله وتختلف مراتب الرجحان. ومن نقص في ميزان الشرع فأولئك أهل الخسران وتتفاوت خفتهم في الميزان وأخسها مراتب الكفار، ولا تزال المراتب تتناقص حتى تنتهي إلى مرتكب أصغر الصغائر.

    فإذا رأيت إنسانا يطير في الهواء ويمشي على الماء، أو يخبر بالمغيبات ويخالف الشرع بارتكاب المحرمات بغير سبب محلل، أو يترك الواجبات بغير سبب مجوز، فاعلم أنه شيطان نصبه الله فتنة للجهلة؛ وليس ذلك ببعيد من الأسباب التي وصفها الله للضلال؛ فإن الدجال يحيي ويميت فتنة لأهل الضلال... ". إلى أن قال:

    "وكذلك من يأكل الحيات ويدخل النيران فإنه مرتكب للحرام بأكل الحيات، وقاتل للنفس بدخول النيران ليقتدوا به في ضلالته ويتابعوه على جهالته".

    ومن ذلك قوله: "والطريقة في إصلاح القلوب التي تصلح الأجساد بصلاحها وتفسد بفسادها؛ تطهيرها من كل ما يبعد عن الله، وتزيينها بكل ما يقرب إليه ويزلفه لديه من الأحوال والأقوال والأعمال، وحسن المآل، ولزوم الإقبال عليه والإصغاء إليه، والمثول بين يديه في كل وقت من الأوقات وحال من الأحوال على حسب الإمكان من غير أداء إلى السآمة والملال".



    من أهم مؤلفاته:

    (مختصر تفسير النكت والعيون للماوردي)، تفسير القرآن العظيم -"ما زال مخطوطا"-، (بداية السول في تفضيل الرسول -صلى الله عليه وسلم-)، (نبذة في الرد على القائلين بخلق القرآن)، (قواعد الأحكام في مصالح الأنام) -وهو أشهر كتبه-، (مجاز القرآن)، (الفتاوى المصرية والموصلية).

    المآخذ التي أخذت عليه:

    1- قوله بقول الأشاعرة في مسائل الصفات.

    2- ميله إلى التصوف؛ وهذه المسألة محل بحث فبعض أهل العلم يقول بأنه صوفي، والبعض يقول بأن علاقته بكبار المتصوفة في عصره وغير ذلك مما قيل عنه؛ إنما لتطهير التصوف مما علق به وقيامه بحركة إصلاح في التصوف عموما، ودللوا على ذلك برفضه لكثير من السلوكيات التي يمارسها المتصوفة.

    وأنه جعل مقياسه الشرع في قبول مفردات التصوف، ولم ينتسب إلى طريقة صوفية مما شاع في عصره؛ بالإضافة إلى مواقفه مع الملوك، وفي الجهاد التي تخالف منهج المتصوفة والتصوف.

    3- كلامه في البدع الذي اتخذه المتبدعة تكأة لتمرير بدعهم وجعلها من الشرع.

    وفاته:

    بعد عمر ناهز الثلاثة والثمانين عاما في الجهاد في سبيل الله ونصرة الإسلام ونشر دعوته توفي العز بن عبد السلام في العاشر من جمادى الأولى سنة 660هـ، وصلى عليه "الظاهر بيبرس"، وحضر جنازته الخاص والعام.

    ولما بلغ السلطان وفاته قال: "لم يستقر ملكي إلا الساعة؛ لأنه لو أمر الناس فيَّ ما أراد لبادروا إلى امتثال أمره".

    قال الذهبي -رحمه الله-:
    "بلغ رتبة الاجتهاد، وانتهت إليه رئاسة المذهب -أي المذهب الشافعي- مع الزهد والورع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلابة في الدين".

    رحمه الله رحمة واسعة وحشرنا وإياه في زمرة الصالحين، وصلِ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه وسلم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 3:18 pm