مرّ التعليم اليهودي بثلاث مراحل:
1. المرحلة الأولى بدأت من 1881 - 1918م، ويستند التعليم في هذه المرحلة بشكل مباشر على الأمور الدينية معتمداً على التناخ والتلمود. وقد ظهر في هذه المرحلة العديد من الفلاسفة اليهود الذين طرحوا العديد من الآراء الفلسفية حول ماهية الدولة ونظم الحياة فيها، وكيف يجب على اليهود أن يؤسسوا دولة يهودية، ومن أشهرهم موشيه هس وليو بنسكر ورائد الصهيونية ومؤسسها ثيودور هرتزل. وعندما تأسست الحركة الصهيونية عام 1897، تبنت العديد من الآراء الفلسفية اليهودية المستندة إلى التوراة والتعالم الدينية الأخرى بجمع يهود العالم حولها.
2. المرحلة الثانية ولتي بدأت من 1948م حتى قيام الدولة الصهيونية، حيث صدر قانون التعليم العام عام 1949م وفي عام1953 صدر قانون إلزامية التعليم، وحاولت الدولة بناء مؤسسات تعليمية تقوم على أساس المبادئ الصهيونية لخلق مجتمع يهودي يدين بالولاء للصهيونية العلمانية ويرتبط بشكل كبير بالأرض، لذا أنشئت المدارس العلمية والدينية لتخريج الطلاب المتشبعين بالأفكار الصهيونية.
وكانت السلطات البريطانية قد مهدت كل السبل إبان فترة الانتداب (1926 – 1947) لصالح اليهود من أجل زيادة عدد المهاجرين، وتشديد قبضة اليهود على الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، لذلك كان تعيين أول مندوب سامي بريطاني في فلسطين يهودياً وهو "هربرت صموئيل". وقامت التنظيمات الصهيونية بتشكيل العصابات العسكرية استعداداً لمرحلة إنهاء الانتداب البريطاني وتحقيق وعد بلفور حسب صك الانتداب الأممي.
أسس التعليم
وضع قانون التعليم الإسرائيلي على أساس قيم الثقافة اليهودية، وتحصيل العلوم ومحبة الوطن والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي والتدرب على العمل الزراعي والحرفي وتحقيق مبادئ الريادة.
ويلاحظ القارئ لكتب الأديان الإسرائيلية أن اليهودي ينظر إلى الأغيار وخاصة العرب نظرة استعلائية نحو جنس بشري بدائي متخلف حضارياً، لذا لا بد من تسخيره لتحقيق الرقي والتقدم له. والقيام بتهويد الأرض بوصفها أرضا مُنحت له بموجب صك الرب "لشعبه المختار".
مناهج تحريف وعدوان
لقد حمل الأدب العبري في طياته الكثير من التحريض على الاحتلال والاستيطان والترحيل للعرب. ولقد انتقل الأدب العبري من أدب التجنيد والتحريض في ظل الانتداب ونشوء المنظمات الصهيونية وأدب الكارثة والبطولة في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى أدب الحروب منذ عام 1948 وحرب الأيام الستة وحرب الغفران 1973، ومن أبرز الأعمال الأدبية التي ظهرت في تلك الفترة "مقص الصواريخ 612" و"بداية الصيف" لعام1970، أما أدب الثمانينات فقد عبّر عن ردود الفعل الإسرائيلية على الحروب التي شنّتها إسرائيل على لبنان عام 1982.
إن نظرة الأدب العبري للشخصية العربية خضع لحالات زمنية ترتبط بزعيم، أو بواقعة عسكرية، أو موقف عدائي عنصري يتصف بالعرقية، ويرى الأدب العبري أن الشخصية العربية تتصف بالانفعال والعدوانية وحب القتال والحرب وتعزو ذلك إلى الإسلام الذي يرفع المسلم وينادي برفعة المسلمين وتمييزهم.
تخريج أطفال إرهابيين
صورة الإنسان العربي في أدبيات الأطفال اليهود لم تتغير منذ تأسيس الدولة، فالنظرة تجاه الإنسان العربي بقيت عدائية، ولم يحلّ محلها أي نظرة احترام أو محبة، وتدعو هذه الكتب إلى إعادة العرب إلى الصحراء وإحلال اليهود مكانهم لأن هذه أرض اليهود ، وتصور العربي بأنه شجرة بلا جذور يمكن اقتلاعها في أي وقت ومتى تشاء و صدرت العديد من القصص والكتب التي تؤكد على مثل هذه النظرة وتحاول مسح دماغ الأطفال ووضع صورة كريهة للعربي في عقل الطالب من أهمها:
اتفاقيات السلام التي عمّقت الحقد والكراهية في المجتمع الإسرائيلي، وقد انتقل الأدب العبري الطفولي إلى مرحلة جديدة بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية، فأخذ يصف العربي بأنه يمارس تجارة حسية تنتهي عند التهريب والجاسوسية وخطف الطائرات والعمالة للدول الأجنبية، ويتضح ذلك بشكل جلي لدى المؤلف يهوشوع بيير في قصته"ورقة فوق الوادي".
وبعد اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية أخذت تظهر كتب عديدة تدخل تحت إطار التثقيف التربوي والتاريخي للصهيوني، ومنها الكتب المتعلقة بالآثار والتوثيق، فالقارئ لهذه الكتب يلاحظ أنه لا توجد بقعة في هذه المنطقة العربية في الشام ومصر والحجاز والعراق، إلا كان لليهود فيها أثرٌ، وأن كل الحضارات التي مرت على هذه المنطقة كان لليهود دورٌ فاعل، ومن الأمثلة على ذلك كتاب مواقع وآثار في الأردن، والذي يبحث في المواقع والأماكن الأثرية في الأردن التي يعتبرها الكتاب جزءاً من أرض إسرائيل.
القدس لليهود والمسيحيين، والمسلمون محتلون
لقد كان لمدينة القدس نصيب واهتمام خاص من قبل المؤلفين الصهاينة لما تمثله هذه المدينة من أهمية، بوصفها المدينة المقدسة وأن فيها الهيكل المقدس، لذا فقد ارتكزت السياسة التربوية الصهيونية تجاه المدينة المقدسة على الأمور التالية:
1. التنكر للوجود التاريخي الإسلامي في المدينة المقدسة واعتبارها مدينة يهودية يقترن وجودها التاريخي بالمؤسسات والمعابد والهياكل اليهودية.
2. اعتبار المساجد والكنائس أماكن أثرية أبدية يهودية تم بناؤها على أنقاض المعابد اليهودية.
3. تمثل القدس رمز الاستعلاء اليهودي· والتفوق لأنها مجتمع الصفوة اليهودية من "حلول الأنبياء".
4. اعتبار الفتح العربي للقدس احتلال طال أمده انتهى بقيام إسرائيل.
5. يعتبر احتلال القدس من قبل اليهود نعمة على أهلها لأنها شهدت في عهد الاحتلال سائر أنواع التقدم .
6. اعتبار العرب والمسلمين في القدس مجرد طوائف وأقلية غير أصلية.
الكتب المقررة تكرّس هذه التوجهات
وبدراسة مفصلة للعديد من الكتب التي ألفت للطلاب اليهود في المدارس العامة يتضح انعكاسات كل هذه التوجهات العدائية والدعوات، وتحمل سلسلة "المجموعة الرائعة عن الأرض الطيبة" التي صدرت عن وزارة المعارف عام 1986م وهي مخصصة للمدارس اليهودية الدينية مختارات من التوجيهات الدينية والشعر والقصة اليهودية وقد ورد عنوان في هذه السلسلة تحت اسم " لمن تخص وتنتمي أرض إسرائيل "، والتي يؤكد فيها المؤلف على أن أرض إسرائيل هي لليهود ولكن جاءت شعوب أخرى كالإسماعيلية، "العرب" واحتلوها لفترة طويلة كانت فيها هذه المنطقة خراباً ودماراً كان العرب قليلون جداً، ويؤكد الكتاب في هذه السلسلة على جمال الطبيعة وأن هذه أرض السمن والعسل التي منحت من قبل الرب " لشعب الله المختار".
وكتاب الجولان والجليل بأقسامه، والكرمل وشمال البلاد، حيث يعتبر المؤلف الجولان جزءاً من أرض إسرائيل ويبحث في مناطق وطرق الجولان وقطاع غزة، ويورد نماذج صور للقرى العربية في منطقة القدس إلى جانبها نماذج للمباني اليهودية من أجل الإيحاء للقارئ مدى التطور الذي حصل بسبب قدوم اليهود.
وتحاول الكتب اليهودية التربوية دمج التاريخ بالجغرافيا من أجل ترسيخ المفاهيم الصهيونية وهو أفضل ما يقدم للناشئة حيث تم حث الطلاب على القيام برحلات علمية لترسيخ مثل هذه المفاهيم.
ويحاول الكتاب اليهود التركيز على ما يسموه العداء للسامية وأن اليهود قد تعرضوا لهذا الأمر من خلال معسكرات الإبادة التي نظمت لهم كما يدعون في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية أو عندما أعلنت رومانيا تطبيق " قوانين نورنمبرغ" الألمانية العرقية ضد اليهود عند وصول الحزب المسيحي إلى الحكم.
ومن الكتب الأخرى التي وضعت للطلاب اليهود من أجل دراستها وترسيخ مفاهيم معينة لديهم كتاب تحولات جغرافية الشرق الأوسط لمؤلفه البروفيسور أرنون سوفير ويلاحظ أن هذا الكتاب يتحدث عن الشرق العربي دون أن يأتي مطلقاً على ذكر العرب في المنطقة التي سكنوها إلاّ من خلال التقليل من شأن العرب ووصفهم بالمتغلغلين في مجالات الحياة وهو يعمد إلى التنكر للوجود العربي حتى أن الخليج العربي يطلق عليه اسم الخليج الفارسي.
ويصف الدول العربية المجاورة لفلسطين بالمتخلفة فهو يصف الفلاح المصري بالمتخلف زراعياً وأن التكنولوجيا لا يعرفها الفلاح المصري ووضعه الصحي سيئ بسبب انتشار الأمراض وهو حتى لا يعرف القراءة والكتابة ويصف الزيادة السكانية في مصر بأنها مقلقة لإسرائيل.
أما عن التطورات التي تحصل في الخليج العربي فيرى أنها خطيرة حيث يرى أن امتداد الطرق والتطور العلمي وواردات النفط الكبيرة يمكن أن تهيئ لقيام دولة قوية في الخليج مع وجود أصولية إسلامية هناك بسبب وجود الأماكن المقدسة لدى المسلمين في تلك المنطقة ويرى أن شرق الأردن هي جزء من أرض إسرائيل وفيها أماكن خاصة باليهود مثل نبو وجلعاد.
ولم يسلم بلد عربي من النقد والوصف بالتراجع والتخلف وقد اعتمد الكتاب الصهاينة عند وصفهم للبلدان العربية على الحال التي كانت تعيشها هذه البلدان أثناء الاستعمار أو بعد نهاية الاستعمار بفترة قليلة دون مراعاة التطورات التي مرت بها هذه البلدان وخاصة العراق ودول الخليج العربي.
أما الأدبيات الموجهة نحو الطلاب العرب فإنها تعاني من تدني المستوى الفكري لغرس ذلك في نفوس الناشئة العرب في فلسطين 1948م وإن الناظر إلى ما ينتقى ويختار من المواد الأدبية التي تفرض على الطلاب العرب يلاحظ أن الصهيونية تنتقي بشكل حثيث كل فقرة أو لفظة لتهويد فكر الناشئة العرب بهدف سلخهم ما أمكن عن تراثهم العربي ونتاج الأمة الفكري ويلاحظ أن ما ينتقى من الأدب العربي يفتقد إلى روح الانتماء الوطني والقومي والديني فهي عبارة عن مختارات من قصائد تجسد الفرقة والطائفية بين العرب والمسلمين وتدعوا إلى السلم واستحباب الحرب ومن أمثلة ذلك سلسلة كتب " تاريخ الأدب العربي " لمؤلفه اليهودي "مراد ميخائيل " .
عندما يتحدث الكتاب اليهود عن الأقلية العربية التي تعيش في إسرائيل فإنهم يعمدون إلى تزوير العديد من الحقائق بل كل الحقائق فهم يعتبرون الضفة والقطاع أراضٍ إسرائيلية تم احتلالها من قبل العرب ويضيفون إلى ذلك تحميل المواطنين العرب مسؤولية الهرب من هذه الأراضي عام 1948 وكأن هذا الهروب بمحض إرادة العرب وقد أدى هذا الأمر إلى تدني مستوى الفلسطينيين في نظر العرب الآخرين.
المرحلة الثالثة من التعليم الإسرائيلي هي التي بدأت منذ 1979م عام توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ومن ثم اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ويلاحظ أن المفاهيم الأساسية في العملية التربوية الصهيونية لم تتغير أبداً فوصف العرب بأنهم متخلفون وجبناء ومحتلون لأرض إسرائيل ما زال هو الوصف السائد مع التأكيد المستمر على أن الأردن هو جزء من أرض إسرائيل· وبقي وصف القادة العرب والمسلمين على ما هو دون تبديل فهم يهينون الخلفاء فخلفاء بني العباس في نظرهم كانوا يحبون الشرب وحفلات المجون
1. المرحلة الأولى بدأت من 1881 - 1918م، ويستند التعليم في هذه المرحلة بشكل مباشر على الأمور الدينية معتمداً على التناخ والتلمود. وقد ظهر في هذه المرحلة العديد من الفلاسفة اليهود الذين طرحوا العديد من الآراء الفلسفية حول ماهية الدولة ونظم الحياة فيها، وكيف يجب على اليهود أن يؤسسوا دولة يهودية، ومن أشهرهم موشيه هس وليو بنسكر ورائد الصهيونية ومؤسسها ثيودور هرتزل. وعندما تأسست الحركة الصهيونية عام 1897، تبنت العديد من الآراء الفلسفية اليهودية المستندة إلى التوراة والتعالم الدينية الأخرى بجمع يهود العالم حولها.
2. المرحلة الثانية ولتي بدأت من 1948م حتى قيام الدولة الصهيونية، حيث صدر قانون التعليم العام عام 1949م وفي عام1953 صدر قانون إلزامية التعليم، وحاولت الدولة بناء مؤسسات تعليمية تقوم على أساس المبادئ الصهيونية لخلق مجتمع يهودي يدين بالولاء للصهيونية العلمانية ويرتبط بشكل كبير بالأرض، لذا أنشئت المدارس العلمية والدينية لتخريج الطلاب المتشبعين بالأفكار الصهيونية.
وكانت السلطات البريطانية قد مهدت كل السبل إبان فترة الانتداب (1926 – 1947) لصالح اليهود من أجل زيادة عدد المهاجرين، وتشديد قبضة اليهود على الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين، لذلك كان تعيين أول مندوب سامي بريطاني في فلسطين يهودياً وهو "هربرت صموئيل". وقامت التنظيمات الصهيونية بتشكيل العصابات العسكرية استعداداً لمرحلة إنهاء الانتداب البريطاني وتحقيق وعد بلفور حسب صك الانتداب الأممي.
أسس التعليم
وضع قانون التعليم الإسرائيلي على أساس قيم الثقافة اليهودية، وتحصيل العلوم ومحبة الوطن والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي والتدرب على العمل الزراعي والحرفي وتحقيق مبادئ الريادة.
ويلاحظ القارئ لكتب الأديان الإسرائيلية أن اليهودي ينظر إلى الأغيار وخاصة العرب نظرة استعلائية نحو جنس بشري بدائي متخلف حضارياً، لذا لا بد من تسخيره لتحقيق الرقي والتقدم له. والقيام بتهويد الأرض بوصفها أرضا مُنحت له بموجب صك الرب "لشعبه المختار".
مناهج تحريف وعدوان
لقد حمل الأدب العبري في طياته الكثير من التحريض على الاحتلال والاستيطان والترحيل للعرب. ولقد انتقل الأدب العبري من أدب التجنيد والتحريض في ظل الانتداب ونشوء المنظمات الصهيونية وأدب الكارثة والبطولة في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى أدب الحروب منذ عام 1948 وحرب الأيام الستة وحرب الغفران 1973، ومن أبرز الأعمال الأدبية التي ظهرت في تلك الفترة "مقص الصواريخ 612" و"بداية الصيف" لعام1970، أما أدب الثمانينات فقد عبّر عن ردود الفعل الإسرائيلية على الحروب التي شنّتها إسرائيل على لبنان عام 1982.
إن نظرة الأدب العبري للشخصية العربية خضع لحالات زمنية ترتبط بزعيم، أو بواقعة عسكرية، أو موقف عدائي عنصري يتصف بالعرقية، ويرى الأدب العبري أن الشخصية العربية تتصف بالانفعال والعدوانية وحب القتال والحرب وتعزو ذلك إلى الإسلام الذي يرفع المسلم وينادي برفعة المسلمين وتمييزهم.
تخريج أطفال إرهابيين
صورة الإنسان العربي في أدبيات الأطفال اليهود لم تتغير منذ تأسيس الدولة، فالنظرة تجاه الإنسان العربي بقيت عدائية، ولم يحلّ محلها أي نظرة احترام أو محبة، وتدعو هذه الكتب إلى إعادة العرب إلى الصحراء وإحلال اليهود مكانهم لأن هذه أرض اليهود ، وتصور العربي بأنه شجرة بلا جذور يمكن اقتلاعها في أي وقت ومتى تشاء و صدرت العديد من القصص والكتب التي تؤكد على مثل هذه النظرة وتحاول مسح دماغ الأطفال ووضع صورة كريهة للعربي في عقل الطالب من أهمها:
اتفاقيات السلام التي عمّقت الحقد والكراهية في المجتمع الإسرائيلي، وقد انتقل الأدب العبري الطفولي إلى مرحلة جديدة بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية، فأخذ يصف العربي بأنه يمارس تجارة حسية تنتهي عند التهريب والجاسوسية وخطف الطائرات والعمالة للدول الأجنبية، ويتضح ذلك بشكل جلي لدى المؤلف يهوشوع بيير في قصته"ورقة فوق الوادي".
وبعد اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية أخذت تظهر كتب عديدة تدخل تحت إطار التثقيف التربوي والتاريخي للصهيوني، ومنها الكتب المتعلقة بالآثار والتوثيق، فالقارئ لهذه الكتب يلاحظ أنه لا توجد بقعة في هذه المنطقة العربية في الشام ومصر والحجاز والعراق، إلا كان لليهود فيها أثرٌ، وأن كل الحضارات التي مرت على هذه المنطقة كان لليهود دورٌ فاعل، ومن الأمثلة على ذلك كتاب مواقع وآثار في الأردن، والذي يبحث في المواقع والأماكن الأثرية في الأردن التي يعتبرها الكتاب جزءاً من أرض إسرائيل.
القدس لليهود والمسيحيين، والمسلمون محتلون
لقد كان لمدينة القدس نصيب واهتمام خاص من قبل المؤلفين الصهاينة لما تمثله هذه المدينة من أهمية، بوصفها المدينة المقدسة وأن فيها الهيكل المقدس، لذا فقد ارتكزت السياسة التربوية الصهيونية تجاه المدينة المقدسة على الأمور التالية:
1. التنكر للوجود التاريخي الإسلامي في المدينة المقدسة واعتبارها مدينة يهودية يقترن وجودها التاريخي بالمؤسسات والمعابد والهياكل اليهودية.
2. اعتبار المساجد والكنائس أماكن أثرية أبدية يهودية تم بناؤها على أنقاض المعابد اليهودية.
3. تمثل القدس رمز الاستعلاء اليهودي· والتفوق لأنها مجتمع الصفوة اليهودية من "حلول الأنبياء".
4. اعتبار الفتح العربي للقدس احتلال طال أمده انتهى بقيام إسرائيل.
5. يعتبر احتلال القدس من قبل اليهود نعمة على أهلها لأنها شهدت في عهد الاحتلال سائر أنواع التقدم .
6. اعتبار العرب والمسلمين في القدس مجرد طوائف وأقلية غير أصلية.
الكتب المقررة تكرّس هذه التوجهات
وبدراسة مفصلة للعديد من الكتب التي ألفت للطلاب اليهود في المدارس العامة يتضح انعكاسات كل هذه التوجهات العدائية والدعوات، وتحمل سلسلة "المجموعة الرائعة عن الأرض الطيبة" التي صدرت عن وزارة المعارف عام 1986م وهي مخصصة للمدارس اليهودية الدينية مختارات من التوجيهات الدينية والشعر والقصة اليهودية وقد ورد عنوان في هذه السلسلة تحت اسم " لمن تخص وتنتمي أرض إسرائيل "، والتي يؤكد فيها المؤلف على أن أرض إسرائيل هي لليهود ولكن جاءت شعوب أخرى كالإسماعيلية، "العرب" واحتلوها لفترة طويلة كانت فيها هذه المنطقة خراباً ودماراً كان العرب قليلون جداً، ويؤكد الكتاب في هذه السلسلة على جمال الطبيعة وأن هذه أرض السمن والعسل التي منحت من قبل الرب " لشعب الله المختار".
وكتاب الجولان والجليل بأقسامه، والكرمل وشمال البلاد، حيث يعتبر المؤلف الجولان جزءاً من أرض إسرائيل ويبحث في مناطق وطرق الجولان وقطاع غزة، ويورد نماذج صور للقرى العربية في منطقة القدس إلى جانبها نماذج للمباني اليهودية من أجل الإيحاء للقارئ مدى التطور الذي حصل بسبب قدوم اليهود.
وتحاول الكتب اليهودية التربوية دمج التاريخ بالجغرافيا من أجل ترسيخ المفاهيم الصهيونية وهو أفضل ما يقدم للناشئة حيث تم حث الطلاب على القيام برحلات علمية لترسيخ مثل هذه المفاهيم.
ويحاول الكتاب اليهود التركيز على ما يسموه العداء للسامية وأن اليهود قد تعرضوا لهذا الأمر من خلال معسكرات الإبادة التي نظمت لهم كما يدعون في ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية أو عندما أعلنت رومانيا تطبيق " قوانين نورنمبرغ" الألمانية العرقية ضد اليهود عند وصول الحزب المسيحي إلى الحكم.
ومن الكتب الأخرى التي وضعت للطلاب اليهود من أجل دراستها وترسيخ مفاهيم معينة لديهم كتاب تحولات جغرافية الشرق الأوسط لمؤلفه البروفيسور أرنون سوفير ويلاحظ أن هذا الكتاب يتحدث عن الشرق العربي دون أن يأتي مطلقاً على ذكر العرب في المنطقة التي سكنوها إلاّ من خلال التقليل من شأن العرب ووصفهم بالمتغلغلين في مجالات الحياة وهو يعمد إلى التنكر للوجود العربي حتى أن الخليج العربي يطلق عليه اسم الخليج الفارسي.
ويصف الدول العربية المجاورة لفلسطين بالمتخلفة فهو يصف الفلاح المصري بالمتخلف زراعياً وأن التكنولوجيا لا يعرفها الفلاح المصري ووضعه الصحي سيئ بسبب انتشار الأمراض وهو حتى لا يعرف القراءة والكتابة ويصف الزيادة السكانية في مصر بأنها مقلقة لإسرائيل.
أما عن التطورات التي تحصل في الخليج العربي فيرى أنها خطيرة حيث يرى أن امتداد الطرق والتطور العلمي وواردات النفط الكبيرة يمكن أن تهيئ لقيام دولة قوية في الخليج مع وجود أصولية إسلامية هناك بسبب وجود الأماكن المقدسة لدى المسلمين في تلك المنطقة ويرى أن شرق الأردن هي جزء من أرض إسرائيل وفيها أماكن خاصة باليهود مثل نبو وجلعاد.
ولم يسلم بلد عربي من النقد والوصف بالتراجع والتخلف وقد اعتمد الكتاب الصهاينة عند وصفهم للبلدان العربية على الحال التي كانت تعيشها هذه البلدان أثناء الاستعمار أو بعد نهاية الاستعمار بفترة قليلة دون مراعاة التطورات التي مرت بها هذه البلدان وخاصة العراق ودول الخليج العربي.
أما الأدبيات الموجهة نحو الطلاب العرب فإنها تعاني من تدني المستوى الفكري لغرس ذلك في نفوس الناشئة العرب في فلسطين 1948م وإن الناظر إلى ما ينتقى ويختار من المواد الأدبية التي تفرض على الطلاب العرب يلاحظ أن الصهيونية تنتقي بشكل حثيث كل فقرة أو لفظة لتهويد فكر الناشئة العرب بهدف سلخهم ما أمكن عن تراثهم العربي ونتاج الأمة الفكري ويلاحظ أن ما ينتقى من الأدب العربي يفتقد إلى روح الانتماء الوطني والقومي والديني فهي عبارة عن مختارات من قصائد تجسد الفرقة والطائفية بين العرب والمسلمين وتدعوا إلى السلم واستحباب الحرب ومن أمثلة ذلك سلسلة كتب " تاريخ الأدب العربي " لمؤلفه اليهودي "مراد ميخائيل " .
عندما يتحدث الكتاب اليهود عن الأقلية العربية التي تعيش في إسرائيل فإنهم يعمدون إلى تزوير العديد من الحقائق بل كل الحقائق فهم يعتبرون الضفة والقطاع أراضٍ إسرائيلية تم احتلالها من قبل العرب ويضيفون إلى ذلك تحميل المواطنين العرب مسؤولية الهرب من هذه الأراضي عام 1948 وكأن هذا الهروب بمحض إرادة العرب وقد أدى هذا الأمر إلى تدني مستوى الفلسطينيين في نظر العرب الآخرين.
المرحلة الثالثة من التعليم الإسرائيلي هي التي بدأت منذ 1979م عام توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ومن ثم اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل ويلاحظ أن المفاهيم الأساسية في العملية التربوية الصهيونية لم تتغير أبداً فوصف العرب بأنهم متخلفون وجبناء ومحتلون لأرض إسرائيل ما زال هو الوصف السائد مع التأكيد المستمر على أن الأردن هو جزء من أرض إسرائيل· وبقي وصف القادة العرب والمسلمين على ما هو دون تبديل فهم يهينون الخلفاء فخلفاء بني العباس في نظرهم كانوا يحبون الشرب وحفلات المجون