لا ليس هذا هو الوجه الطيب الخاشع الذي أغمض عيني عليه، وأفتحهما عليه، وأستمد منه
- بعد الله - الإحساس بالأمان والثقة.
هل قلتها لنفسك؟ ربما والمؤكد أن كثيرات قلنها، وهن يفتحن حدقاتهن اندهاشا وانزعاجا
مما حدث.
فقد تحولت العلاقة الزوجية إلي روتين يومي ممل، أصبح الزوج مجرد واحد من الناس يقيم
معك في بيت واحد، وأحيانا تتناولان الطعام معا، صار الأبناء عذابا يوميا من
المسئولية، واحتلتك حالة من الرفض والتمرد.
تتأملين واقعك، وتتذكرين أيام الزواج الأولى، وتشتاق كفك المتعبة إلي رتبة كفه التي
تزيل الشقاء، وتضمد جرح العناء.
تشتاقين إلى أن يضع في فمك اللقمة، كما كان يفعل من قبل، إلى تعاونه معك.
إلى الابتسامة المشرقة التي يلقاك بها ، وتلقينه بها حين يعود من عمله، ويأخذ شهيقا
طويلا يتشمم به رائحة طعامك، ويمتدح طهيك قبل أن يتذوق .. إلى أحاديث المساء الودود
واللهفة الصادقة حين تشكين من مجرد ارتفاع في درجة الحرارة .. إلى نظرة الانزعاج في
العينين المحبتين حين تسعلين، إلى القسم بأغلظ الأيمان عليك لتستريحي، ويكمل هو ما
تفعلين.
وقبل أن تتنهدي إشفاقا على نفسك، تذكري أنه هو أيضا يشتاق ويحن، إلى الوجه المزين
والشعر المصفف، والملابس التي تزيدك جمالا .. إلي الصوت الناعم ، واللمسات الحانية
والبيت الهادئ.
إلي الروح التي تنصت حيث يتحدث ، وتبتسم حين يبتسم ، وتحترق حزنا حين يصيبه بعض
القلق.
إلى انقباضة الوداع صباحا .. ولهفة اللقاء عصرا.
إلي القناعة والتماس الأعذار، والمبادرة بالمصالحة عند الخلاف، والتغاضي دون منّ أو
معايرة.
إلي مراجعة الهندام قبل الخروج ، ورشات العطر الدافئة على ياقة القميص ، وانحناءة
العشق لوضع الحذاء أمام القدمين، ولفظة التوديع المشحونة بالحب: سأفتقدك.
كل شيء تبدل صارت الهفوة جريمة، والسهو البريء مؤامرة، ودقائق التأخير في إعداد
الطعام لا مبالاة متعمدة، والشكوى من عناء البيت والأولاد تمارض، والنوم بعد العودة
من العمل استسهالا وإلقاء للعبء كله على رأس العابدة لله المسكينة.
أصبحت المطالب الصغيرة ورطات اقتصادية، واقتراح المذاكرة للأولاد عدم تقدير للظروف،
والإفصاح عن الرغبة في نزهة قصيرة دلعا.
تكومت أدوات الزينة في درج مهمل، وأخرج المشط الوحيد لسانه لمن صار لا يري إلي كومة
من الشعر مربوطة بإهمال بشريط لا يتغير لونه، وعبث الصغار بزجاجة العطر الغالية،
فأضاعوا غطاءها ، وتبخر العطر لتنضم الزجاجة إلي سلة لعب الأطفال.
صار سوء الفهم ، وسوء الظن دفتي قارب الحياة المشتركة ، وأصبح للكلمة البريئة ألف
معني غير برئ ، وأصبح النوم بعد تراشق لفظي حاد دستورا يوميا، ورؤية الوجه العابس
عند اليقظة فاتورة صباحية لا مفر من دفعها كل يوم.
هكذا قفز الواقع على كتفي الحلم ، واستقرت فوق الصدور جبال من الهم ، وفر الرضا من
قاموس الحياة ، وصار الخروج من فخ التعاسة مرفأ بعيدا ، النفس أقصر من أن يتحمل
مشقة السياحة نحوه.
وقبل أن تتكرر التنهيدة الحزينة أبشرك المخرج أقرب مما تتصورين أمام عينيك، وفي
مخدعك وعلى رف مكتبتك، بل وداخلك أنت نفسك.
المنقذ صلاة ليل مشتركة في غرفة النوم ، ومصحفا لقراءة الورد اليومي، وبحث في
المكتبة عن جديد تتدارسانه معا، ولحظات تفرغ تذكران فيها الله معا.
كان أبو هريرة (رضي الله عنه) يقسم الليل بينه وبين زوجته وابنته، فلا تنقطع الصلاة
من بيته الفقير .. فماذا كانت ثمرة الدنيا؟
واللذان يصليان الليل معا، محال أن يتشاجرا في الصباح، واللذان يتلوان أذكار الصباح
معا - أيضا - لا يمكن أن يفسد الشيطان أحدهما على الآخر، واللذان يقرآن القرآن معا،
لن يكون في صدريهما مكان إلا للحب واستشراف اللقاء الأبدي في الجنة.
جربي وجرب كما فعل كثيرون وكثيرات يتذكرون اليوم سنوات الفتور والمعاناة، ويقولون
بصوت نادم ، وشاكر في الوقت نفسه: ليتنا بدأنا منذ زمن بعيد!
- بعد الله - الإحساس بالأمان والثقة.
هل قلتها لنفسك؟ ربما والمؤكد أن كثيرات قلنها، وهن يفتحن حدقاتهن اندهاشا وانزعاجا
مما حدث.
فقد تحولت العلاقة الزوجية إلي روتين يومي ممل، أصبح الزوج مجرد واحد من الناس يقيم
معك في بيت واحد، وأحيانا تتناولان الطعام معا، صار الأبناء عذابا يوميا من
المسئولية، واحتلتك حالة من الرفض والتمرد.
تتأملين واقعك، وتتذكرين أيام الزواج الأولى، وتشتاق كفك المتعبة إلي رتبة كفه التي
تزيل الشقاء، وتضمد جرح العناء.
تشتاقين إلى أن يضع في فمك اللقمة، كما كان يفعل من قبل، إلى تعاونه معك.
إلى الابتسامة المشرقة التي يلقاك بها ، وتلقينه بها حين يعود من عمله، ويأخذ شهيقا
طويلا يتشمم به رائحة طعامك، ويمتدح طهيك قبل أن يتذوق .. إلى أحاديث المساء الودود
واللهفة الصادقة حين تشكين من مجرد ارتفاع في درجة الحرارة .. إلى نظرة الانزعاج في
العينين المحبتين حين تسعلين، إلى القسم بأغلظ الأيمان عليك لتستريحي، ويكمل هو ما
تفعلين.
وقبل أن تتنهدي إشفاقا على نفسك، تذكري أنه هو أيضا يشتاق ويحن، إلى الوجه المزين
والشعر المصفف، والملابس التي تزيدك جمالا .. إلي الصوت الناعم ، واللمسات الحانية
والبيت الهادئ.
إلي الروح التي تنصت حيث يتحدث ، وتبتسم حين يبتسم ، وتحترق حزنا حين يصيبه بعض
القلق.
إلى انقباضة الوداع صباحا .. ولهفة اللقاء عصرا.
إلي القناعة والتماس الأعذار، والمبادرة بالمصالحة عند الخلاف، والتغاضي دون منّ أو
معايرة.
إلي مراجعة الهندام قبل الخروج ، ورشات العطر الدافئة على ياقة القميص ، وانحناءة
العشق لوضع الحذاء أمام القدمين، ولفظة التوديع المشحونة بالحب: سأفتقدك.
كل شيء تبدل صارت الهفوة جريمة، والسهو البريء مؤامرة، ودقائق التأخير في إعداد
الطعام لا مبالاة متعمدة، والشكوى من عناء البيت والأولاد تمارض، والنوم بعد العودة
من العمل استسهالا وإلقاء للعبء كله على رأس العابدة لله المسكينة.
أصبحت المطالب الصغيرة ورطات اقتصادية، واقتراح المذاكرة للأولاد عدم تقدير للظروف،
والإفصاح عن الرغبة في نزهة قصيرة دلعا.
تكومت أدوات الزينة في درج مهمل، وأخرج المشط الوحيد لسانه لمن صار لا يري إلي كومة
من الشعر مربوطة بإهمال بشريط لا يتغير لونه، وعبث الصغار بزجاجة العطر الغالية،
فأضاعوا غطاءها ، وتبخر العطر لتنضم الزجاجة إلي سلة لعب الأطفال.
صار سوء الفهم ، وسوء الظن دفتي قارب الحياة المشتركة ، وأصبح للكلمة البريئة ألف
معني غير برئ ، وأصبح النوم بعد تراشق لفظي حاد دستورا يوميا، ورؤية الوجه العابس
عند اليقظة فاتورة صباحية لا مفر من دفعها كل يوم.
هكذا قفز الواقع على كتفي الحلم ، واستقرت فوق الصدور جبال من الهم ، وفر الرضا من
قاموس الحياة ، وصار الخروج من فخ التعاسة مرفأ بعيدا ، النفس أقصر من أن يتحمل
مشقة السياحة نحوه.
وقبل أن تتكرر التنهيدة الحزينة أبشرك المخرج أقرب مما تتصورين أمام عينيك، وفي
مخدعك وعلى رف مكتبتك، بل وداخلك أنت نفسك.
المنقذ صلاة ليل مشتركة في غرفة النوم ، ومصحفا لقراءة الورد اليومي، وبحث في
المكتبة عن جديد تتدارسانه معا، ولحظات تفرغ تذكران فيها الله معا.
كان أبو هريرة (رضي الله عنه) يقسم الليل بينه وبين زوجته وابنته، فلا تنقطع الصلاة
من بيته الفقير .. فماذا كانت ثمرة الدنيا؟
واللذان يصليان الليل معا، محال أن يتشاجرا في الصباح، واللذان يتلوان أذكار الصباح
معا - أيضا - لا يمكن أن يفسد الشيطان أحدهما على الآخر، واللذان يقرآن القرآن معا،
لن يكون في صدريهما مكان إلا للحب واستشراف اللقاء الأبدي في الجنة.
جربي وجرب كما فعل كثيرون وكثيرات يتذكرون اليوم سنوات الفتور والمعاناة، ويقولون
بصوت نادم ، وشاكر في الوقت نفسه: ليتنا بدأنا منذ زمن بعيد!