يجمع الكثير من رجال الفكر والثقافة والسياسة ومتتبعي أصول وتطور
الحركات القومية النهضوية في القرن المنصرم على وجود تباين صارخ بين
جميع الحركات التحررية التي خاضت نضالا تحرريا ثوريا من نير الاحتلال
والاستبداد، وتلك الحركة الصهيونية وربيبتها إسرائيل لما تمثله من حالة
شاذة واستثناء لما يحمله فكرها من عنصرية مقيتة وكراهية بغيضة وحقد
دفين واستعداء وتعاليا على كل من هو غير يهودي، وقد كذب الكثير من رجال
السياسة والفكر ادعاءات هذه الحركة من إنها ولدت لإنقاذ الأمة اليهودية
من بطش الآخرين.
الحركة الصهيونية، ليست عفوية ولا عشوائية، بل هي نتاج لعملية تراكمية
لفكر وثقافة تنشئة وتربية وتحريض متواصل، وقد سخرت الدولة العبرية هذا
الفكر مسخرة جل اهتمامها وطاقاتها من خلال جهاز التعليم الإسرائيلي،
بدا بالبستان ورياض الأطفال وانتهاء بالجامعة مرورا بشتى وسائل الإعلام
المرئي والمسموع والمكتوب ليصبح جهاز التعليم الإسرائيلي أهم روافد
العنصرية وبث الكراهية العمياء ضد الفلسطينيين والعرب وحتى الديانات
والأجناس الأخرى.
وليس بغريب أن تكون ميزانية التربية والتعليم تشكل ثلث الموازنة العامة
لحكومة اسرائيل سنويا، وتتصارع مختلف القوى والأحزاب الإسرائيلية من
أقصى اليمين إلى اليسار للاحتفاظ بحقيبة والمعارف والثقافة كونها
المحدد لثقافة واتجاه الدولة والمجتمع ولنتذكر مقولة وزير المعارف
الراحل "زوبلون هامر" زعيم المفدال (وجود دولة اسرائيل مرتبط بذهن
الطفل اليهودي).
تعتبر التربية في اسرائيل من أكثر المصادر إفصاحا عن بنية العقل
الصهيوني، حيث أن التربية احد الأسس الرئيسية التي ترتكز عليها اسرائيل
في بناء أجيالها الناشئة وتشكيل شخصياتهم ليكونوا قادرين على تحقيق
الهدف الصهيوني الأول، وهو إقامة وطن قومي صهيوني، وقد أدركت اسرائيل
أهمية جهاز التربية والتعليم، واعتبرته من مستلزمات الدفاع الوطن، ولذا
فقد جعلت الصهيونية التربية مفصلا من مفاصل بنائها الفكري والأيدلوجي.
وليس أدل على ذلك رؤية "ثيودورهيرتزل" في يومياته، حين اعتبر التربية
أسلوبا لتحقيق هدفه هذا، فأشار إلى بعض المواد التي يركز عليها
واعتبرها ضرورية منها الأناشيد الوطنية والدين والمسرحيات البطولية،
والتاريخ اليهودي القديم وباتت المناهج والكتب المدرسية وسيلة توضع
لتحقيق الهدف العام.
وقد حدد قانون التعليم الرسمي الاسرائيلي عام 1952م الاهداف العامة
للتربية والتعليم في اسرائيل بتجسيد قيم الثقافة اليهودية، ومحبة الوطن
والولاء للدولة والشعب اليهودي، وإقامة حركة تربوية صهيونية واسعة
النطاق عبر تعميق الوعي اليهودي وتعليم اللغة العبرية والتأكيد على
خصوصية شعب اسرائيل وترسيخا لما تقدم، يوجد داخل الجيش الاسرائيلي فرع
خاص يشرف عليه عدد من كبار الضباط، يتولي وضع كتيبات ودراسات توزعها
وزارة الجيش الاسرائلية، على مدارس الاطفال لخلق ما تسمية بالروح
المعنوية"لشعب الله المختار" مشيرين الى ان المدرسة اليهودية هي
المسؤولة عن تنشئة وتنمية وإخراج الاجيال من اليهود المتعصبين،
فالمدرسة هي التي تسمم أفكار تلاميذها منذ طفولتهم بتعاليم رجعية تقوم
جميعا على فكرة ان اليهود "شعب مختار" موعود بدولة في "ارض الميعاد"
وان كل إنسان غير يهودي عدو لليهود"ويقضي الواجب الصهيوني ان"يكرهه
اليهودي"وهذا ما كشفة احد المفكرين الصهاينة بقولة"عندما كنت تلميذا في
مدرسة هرتسيليا كنا نتفق على كراهية العرب والعمل على إفنائهم، وانه
يحاول الان غسل نفسه باستمرار من آثار تلك التربية القذرة".
تسعى التربية والثقافة الصهيونية الرسمية الى ترسيخ مشاعر التعالي
القومي والعنصرية ومعاداة العرب، وإنكار حقوق الاخرين، وإخضاع الطالب
اليهودي منذ حداثته لبرامج تعليمية تتحكم في عقلة وتوجه نحو تحقيق
الاهداف الصهيونية، فتشارك كل المؤسسات السياسية والعسكرية والإعلامية
والتعليمية الرسمية متضافرة كلها لتدعيم السياسة التربوية، وتلقين
الطالب اليهودي بصورة مباشرة أيدلوجية محددة لا خيار لها سواها، تدفعه
لاعتناقها والإيمان بها تحت شعارات تعميق الوعي اليهودي والصهيوني ولا
تتورع عن استغلال شعارات"التهديد العربي بالقضاء على اسرائيل والبقاء
القومي، ومصير الشعب اليهودي لخلق شعور بالعداء ضد العرب ومن الواضح ان
مهمة التربية والمدرسة تغذيها المفاهيم العنصرية، وتنميها الاتجاهات
المتطرفة، لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها الحركة الصهيونية ومنها
الاهداف المعلنة للتربية في اسرائيل وهي:
اولا: تكوين مجتمع عضوي واحد، وهو هدف ملح وهام وشرط أساس لبناء الدولة
الصهيونية ولذلك تعتبر اسرائيل المدرسة هي البوتقة التي سيتم بواسطتها
عملية صهر الكتل البشرية المتناثرة في جميع بقاع الدنيا.
ثانيا: بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية.
ثالثا: الحفاظ على التراث اليهودي ونشرة.
وأما الاهداف غير المعلنة للتربية الصهيونية فهي:
اولا: الإيمان المطلق بحق شعب اسرائيل في ارض اسرائيل وملكيتهم لها
والاستيطان فيها.
ثانيا: تحقيق التضامن اليهودي داخل وخارج اسرائيل لضمان استمرار الهجرة
اليهودية.
ثالثا: تكوين الاستعداد لدى الاجيال الاسرائيلية اليهودية للتوسع
والاحتلال والعنف كراهية العرب وذلك بحجة إنقاذ الأرض.
رابعا: تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لإدامة الإحساس بالاضطهاد عند
اليهود لضمان عدم اندماج اليهود في أي مجتمع آخر غير اسرائيل.
خامسا: تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب الصهيوني مقابل
التأكيد على صورة "السوبرمان" الاسرائيلي الذي لا يقهر.
لم تكن الصهيونية غافلة عن أهمية مرحلة الطفولة والأثر الكبير الذي
تحدثه التربية الموجهة في تشكيل شخصية وسلوك وعقلية الفرد الصهيوني منذ
مرحلة ما قبل المدرسة، وهي المرحلة التي تعتبرها علماء النفس والتربية
مرحلة لتوجية وتكوين المعتقدات، ولذلك فان كتب الاطفال في اسرائيل تطفح
بالتطرف والمغالاة التي تصور اليهود أبطالا عباقرة، وتشويه العرب
بتصويرهم" أغبياء وسذج" وتحتوي رسوما كاريكاتيرية سادية عنصرية جبانة
وحقيرة قائمة على القسوة والكراهية والتعصب القومي والاستهانة بحياة
الناس، ورسومات كاريكاتيرية تظهر الأمهات الفلسطينيات وهن لا يبدين أي
مبالاة تجاه أطفالهن بإرسالهم إلي ساحات الموت والمواجهة مع الجيش
الاسرائيلي الاحتلالي، وهو جزء من المسلسل التضليلي ضد الفلسطينيين
والعرب.
ونموذج آخر للتضليل التاريخي وتزوير الحقائق التاريخية تدريس مادة
التاريخ ابتداء من الصف الخامس في مجموعة من الكتب المتسلسلة التي
تسمى"وقائع تاريخ شعب اسرائيل"، ويحتوي تزويرا وتضليلا لافتا لحقيقة
ملكية الأرض والسكان وأكذوبة ارض الميعاد وشعب الله المختار" والقصد من
كل ذلك إثارة مشاعر الطالب اليهودي بتفوق جنسه وشعبة وتمايزه وتفوقه
الحضاري على الاخرين، من هذه المناهج ما يدرس في الصف السادس الابتدائي
الذي يصور فلسطين" بلدا يهوديا قاسى من الغزوات الاسلامية مثلما قاسى
من الغزو اليوناني الروماني" وهو يدحض بنود قانون التعليم في اسرائيل
الذي يزعم انه ينشد مبادئ الحرية والمساواة والتسامح والتعاون ومحبة
البشر، ويؤكد جميع المطلعون على مناهج المدرسة الابتدائية ان التربية
الدينية تحتل مكانا بارزا في المنهاج، وان الكثير من موضوعات التربية
الوطنية والتاريخ واللغة العبرية والجغرافيا تدرس بطابع ديني لزيادة
الصلة بين الطالب اليهودي والتراث القديم من منطلق ربط الدين بالقومية،
وتشويه الأديان السماوية الأخرى وتحديدا الدين الاسلامي، ففي كتاب "ارض
اسرائيل" للمرحلة الابتدائية الممتلئ بالتشويه لصورة الدين الاسلامي
يدعي هذا الكتاب ان الفتوحات الاسلامية قامت بإجبار الشعوب الأخرى على
القبول بالدين الاسلامي، ولم يعرف المسلمون الشفقة في الحرب، وتم إفناء
قبائل كثيرة رفضت القبول بالدخول في الإسلام، وهذا بالطبع حسب ادعاءات
كتاب"ارض اسرائيل" المدرس للصفوف الدنيا في اسرائيل.
ولعل من أكثر مظاهر التزوير لحقائق التاريخ ما تقدمة المناهج الدراسية
عند الاسرائيلين بإرجاع انتفاضة"36-39" الى العنف الفلسطيني، مع ان
تقرير"شو"، يقر بان الهجرة اليهودية واستملاك اليهود للأراضي
الفلسطينية هي التي سببت المواجهات والغضب، وهناك الكثير من الادعاءات
المغلوطة المروجة لدى التلاميذ اليهود، ومنها ان العرب يريدون إلقاء
اليهود في البحر، وان العرب هربوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم بإرادتهم،
وان فلسطين كانت بلدا خاويا وخاليا من السكان.
ما من شك ان جهاز التعليم الاسرائيلي بمختلف مراحله قد وظف لخدمة
البرنامج الصهيوني القائم منذ قرن كامل ولغاية يومنا هذا على الاستيطان
والسلب والنهب واغتصاب الحقوق وترسيخ ثقافة الحقد والكراهية والبغضاء
التي تترجم بسفك دماء الفلسطينيين والعرب.
الحركات القومية النهضوية في القرن المنصرم على وجود تباين صارخ بين
جميع الحركات التحررية التي خاضت نضالا تحرريا ثوريا من نير الاحتلال
والاستبداد، وتلك الحركة الصهيونية وربيبتها إسرائيل لما تمثله من حالة
شاذة واستثناء لما يحمله فكرها من عنصرية مقيتة وكراهية بغيضة وحقد
دفين واستعداء وتعاليا على كل من هو غير يهودي، وقد كذب الكثير من رجال
السياسة والفكر ادعاءات هذه الحركة من إنها ولدت لإنقاذ الأمة اليهودية
من بطش الآخرين.
الحركة الصهيونية، ليست عفوية ولا عشوائية، بل هي نتاج لعملية تراكمية
لفكر وثقافة تنشئة وتربية وتحريض متواصل، وقد سخرت الدولة العبرية هذا
الفكر مسخرة جل اهتمامها وطاقاتها من خلال جهاز التعليم الإسرائيلي،
بدا بالبستان ورياض الأطفال وانتهاء بالجامعة مرورا بشتى وسائل الإعلام
المرئي والمسموع والمكتوب ليصبح جهاز التعليم الإسرائيلي أهم روافد
العنصرية وبث الكراهية العمياء ضد الفلسطينيين والعرب وحتى الديانات
والأجناس الأخرى.
وليس بغريب أن تكون ميزانية التربية والتعليم تشكل ثلث الموازنة العامة
لحكومة اسرائيل سنويا، وتتصارع مختلف القوى والأحزاب الإسرائيلية من
أقصى اليمين إلى اليسار للاحتفاظ بحقيبة والمعارف والثقافة كونها
المحدد لثقافة واتجاه الدولة والمجتمع ولنتذكر مقولة وزير المعارف
الراحل "زوبلون هامر" زعيم المفدال (وجود دولة اسرائيل مرتبط بذهن
الطفل اليهودي).
تعتبر التربية في اسرائيل من أكثر المصادر إفصاحا عن بنية العقل
الصهيوني، حيث أن التربية احد الأسس الرئيسية التي ترتكز عليها اسرائيل
في بناء أجيالها الناشئة وتشكيل شخصياتهم ليكونوا قادرين على تحقيق
الهدف الصهيوني الأول، وهو إقامة وطن قومي صهيوني، وقد أدركت اسرائيل
أهمية جهاز التربية والتعليم، واعتبرته من مستلزمات الدفاع الوطن، ولذا
فقد جعلت الصهيونية التربية مفصلا من مفاصل بنائها الفكري والأيدلوجي.
وليس أدل على ذلك رؤية "ثيودورهيرتزل" في يومياته، حين اعتبر التربية
أسلوبا لتحقيق هدفه هذا، فأشار إلى بعض المواد التي يركز عليها
واعتبرها ضرورية منها الأناشيد الوطنية والدين والمسرحيات البطولية،
والتاريخ اليهودي القديم وباتت المناهج والكتب المدرسية وسيلة توضع
لتحقيق الهدف العام.
وقد حدد قانون التعليم الرسمي الاسرائيلي عام 1952م الاهداف العامة
للتربية والتعليم في اسرائيل بتجسيد قيم الثقافة اليهودية، ومحبة الوطن
والولاء للدولة والشعب اليهودي، وإقامة حركة تربوية صهيونية واسعة
النطاق عبر تعميق الوعي اليهودي وتعليم اللغة العبرية والتأكيد على
خصوصية شعب اسرائيل وترسيخا لما تقدم، يوجد داخل الجيش الاسرائيلي فرع
خاص يشرف عليه عدد من كبار الضباط، يتولي وضع كتيبات ودراسات توزعها
وزارة الجيش الاسرائلية، على مدارس الاطفال لخلق ما تسمية بالروح
المعنوية"لشعب الله المختار" مشيرين الى ان المدرسة اليهودية هي
المسؤولة عن تنشئة وتنمية وإخراج الاجيال من اليهود المتعصبين،
فالمدرسة هي التي تسمم أفكار تلاميذها منذ طفولتهم بتعاليم رجعية تقوم
جميعا على فكرة ان اليهود "شعب مختار" موعود بدولة في "ارض الميعاد"
وان كل إنسان غير يهودي عدو لليهود"ويقضي الواجب الصهيوني ان"يكرهه
اليهودي"وهذا ما كشفة احد المفكرين الصهاينة بقولة"عندما كنت تلميذا في
مدرسة هرتسيليا كنا نتفق على كراهية العرب والعمل على إفنائهم، وانه
يحاول الان غسل نفسه باستمرار من آثار تلك التربية القذرة".
تسعى التربية والثقافة الصهيونية الرسمية الى ترسيخ مشاعر التعالي
القومي والعنصرية ومعاداة العرب، وإنكار حقوق الاخرين، وإخضاع الطالب
اليهودي منذ حداثته لبرامج تعليمية تتحكم في عقلة وتوجه نحو تحقيق
الاهداف الصهيونية، فتشارك كل المؤسسات السياسية والعسكرية والإعلامية
والتعليمية الرسمية متضافرة كلها لتدعيم السياسة التربوية، وتلقين
الطالب اليهودي بصورة مباشرة أيدلوجية محددة لا خيار لها سواها، تدفعه
لاعتناقها والإيمان بها تحت شعارات تعميق الوعي اليهودي والصهيوني ولا
تتورع عن استغلال شعارات"التهديد العربي بالقضاء على اسرائيل والبقاء
القومي، ومصير الشعب اليهودي لخلق شعور بالعداء ضد العرب ومن الواضح ان
مهمة التربية والمدرسة تغذيها المفاهيم العنصرية، وتنميها الاتجاهات
المتطرفة، لتحقيق الاهداف التي تسعى اليها الحركة الصهيونية ومنها
الاهداف المعلنة للتربية في اسرائيل وهي:
اولا: تكوين مجتمع عضوي واحد، وهو هدف ملح وهام وشرط أساس لبناء الدولة
الصهيونية ولذلك تعتبر اسرائيل المدرسة هي البوتقة التي سيتم بواسطتها
عملية صهر الكتل البشرية المتناثرة في جميع بقاع الدنيا.
ثانيا: بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية.
ثالثا: الحفاظ على التراث اليهودي ونشرة.
وأما الاهداف غير المعلنة للتربية الصهيونية فهي:
اولا: الإيمان المطلق بحق شعب اسرائيل في ارض اسرائيل وملكيتهم لها
والاستيطان فيها.
ثانيا: تحقيق التضامن اليهودي داخل وخارج اسرائيل لضمان استمرار الهجرة
اليهودية.
ثالثا: تكوين الاستعداد لدى الاجيال الاسرائيلية اليهودية للتوسع
والاحتلال والعنف كراهية العرب وذلك بحجة إنقاذ الأرض.
رابعا: تأكيد الشعور بالقلق والتوتر لإدامة الإحساس بالاضطهاد عند
اليهود لضمان عدم اندماج اليهود في أي مجتمع آخر غير اسرائيل.
خامسا: تشويه وتقزيم الصورة العربية في نظر الطالب الصهيوني مقابل
التأكيد على صورة "السوبرمان" الاسرائيلي الذي لا يقهر.
لم تكن الصهيونية غافلة عن أهمية مرحلة الطفولة والأثر الكبير الذي
تحدثه التربية الموجهة في تشكيل شخصية وسلوك وعقلية الفرد الصهيوني منذ
مرحلة ما قبل المدرسة، وهي المرحلة التي تعتبرها علماء النفس والتربية
مرحلة لتوجية وتكوين المعتقدات، ولذلك فان كتب الاطفال في اسرائيل تطفح
بالتطرف والمغالاة التي تصور اليهود أبطالا عباقرة، وتشويه العرب
بتصويرهم" أغبياء وسذج" وتحتوي رسوما كاريكاتيرية سادية عنصرية جبانة
وحقيرة قائمة على القسوة والكراهية والتعصب القومي والاستهانة بحياة
الناس، ورسومات كاريكاتيرية تظهر الأمهات الفلسطينيات وهن لا يبدين أي
مبالاة تجاه أطفالهن بإرسالهم إلي ساحات الموت والمواجهة مع الجيش
الاسرائيلي الاحتلالي، وهو جزء من المسلسل التضليلي ضد الفلسطينيين
والعرب.
ونموذج آخر للتضليل التاريخي وتزوير الحقائق التاريخية تدريس مادة
التاريخ ابتداء من الصف الخامس في مجموعة من الكتب المتسلسلة التي
تسمى"وقائع تاريخ شعب اسرائيل"، ويحتوي تزويرا وتضليلا لافتا لحقيقة
ملكية الأرض والسكان وأكذوبة ارض الميعاد وشعب الله المختار" والقصد من
كل ذلك إثارة مشاعر الطالب اليهودي بتفوق جنسه وشعبة وتمايزه وتفوقه
الحضاري على الاخرين، من هذه المناهج ما يدرس في الصف السادس الابتدائي
الذي يصور فلسطين" بلدا يهوديا قاسى من الغزوات الاسلامية مثلما قاسى
من الغزو اليوناني الروماني" وهو يدحض بنود قانون التعليم في اسرائيل
الذي يزعم انه ينشد مبادئ الحرية والمساواة والتسامح والتعاون ومحبة
البشر، ويؤكد جميع المطلعون على مناهج المدرسة الابتدائية ان التربية
الدينية تحتل مكانا بارزا في المنهاج، وان الكثير من موضوعات التربية
الوطنية والتاريخ واللغة العبرية والجغرافيا تدرس بطابع ديني لزيادة
الصلة بين الطالب اليهودي والتراث القديم من منطلق ربط الدين بالقومية،
وتشويه الأديان السماوية الأخرى وتحديدا الدين الاسلامي، ففي كتاب "ارض
اسرائيل" للمرحلة الابتدائية الممتلئ بالتشويه لصورة الدين الاسلامي
يدعي هذا الكتاب ان الفتوحات الاسلامية قامت بإجبار الشعوب الأخرى على
القبول بالدين الاسلامي، ولم يعرف المسلمون الشفقة في الحرب، وتم إفناء
قبائل كثيرة رفضت القبول بالدخول في الإسلام، وهذا بالطبع حسب ادعاءات
كتاب"ارض اسرائيل" المدرس للصفوف الدنيا في اسرائيل.
ولعل من أكثر مظاهر التزوير لحقائق التاريخ ما تقدمة المناهج الدراسية
عند الاسرائيلين بإرجاع انتفاضة"36-39" الى العنف الفلسطيني، مع ان
تقرير"شو"، يقر بان الهجرة اليهودية واستملاك اليهود للأراضي
الفلسطينية هي التي سببت المواجهات والغضب، وهناك الكثير من الادعاءات
المغلوطة المروجة لدى التلاميذ اليهود، ومنها ان العرب يريدون إلقاء
اليهود في البحر، وان العرب هربوا من بيوتهم وقراهم ومدنهم بإرادتهم،
وان فلسطين كانت بلدا خاويا وخاليا من السكان.
ما من شك ان جهاز التعليم الاسرائيلي بمختلف مراحله قد وظف لخدمة
البرنامج الصهيوني القائم منذ قرن كامل ولغاية يومنا هذا على الاستيطان
والسلب والنهب واغتصاب الحقوق وترسيخ ثقافة الحقد والكراهية والبغضاء
التي تترجم بسفك دماء الفلسطينيين والعرب.