وهنا نتساءل: من منا يرضى أن يزوج ابنته أو أخته ليوم أو يومبن, أو
ساعة أو ساعتين, أو أقل من ذلك أو أكثر؟. أليس هذا ما يشابه الزنى, حتى
ولو كان هناك عقد وشهود؟. ما الفرق بين أن يزني الرجل بامرأة مرات,
برضاها وبموافقتها, وبين أن يعقد عليها عقد زواج ليلتين أو ساعات؟.
أليس هو الزنى المقنع تحت ستار الفضيلة, والبعد عن الفاحشة؟ والأنكى من
ذلك والأخزى, أن يحمل معه باسم الدين "شهادة شرعية" على أنه عقد شرعي,
يبيحه الاسلام, وتقرّه الأديان!!. يا للعار والشّنار!! يا للخزي
والمهانة!! أرأيت لو أن أحدا من الناس, جاءك يريد أن يعقد عقد الزواج
على ابنتك لبضعة أيام, أو لشهر, تصفعه على وجهه بيدك, وتطرده من منزلك؟
لأنه لص أعراض, لا يريد الزواج, وانما يريد قضاء الشهوة!!. فكيف نقول:
ان نكاح المتعة لأيام أو لساعات "عقد شرعي" يتفق مع مقاصد الشريعة
الغرّاء؟ أليس هو الفاحشة بعينها؟ والله تعالى يقول:" ولا تقربوا الزنى
انه كان فاحشة وساء سبيلا".الرسول هو الذي حرم المتعة وليس عمر ومن هذه
النصوص الي أوردناها, يتضح لنا بجلاء, أن الرسول عليه الصلاة والسلام,
هو الذي حرم المتعة وليس عمر بن الخطاب, كما يزعم المرجفون,حيث يقولون:
كانت المتعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة, وعمر هو الذي
حرّمها, ولا يعتد بتحريمه انما بتحريم الرسول!!. ونقول لهؤلاء المفترين
على شريعة الله: ألا تكتفون بالنصوص الصريحة, الواضحة القاطعة, على
تحريم الرسول لنكاح المتعة؟ وعلى اجماع السلف والخلف على تحريم هذا
النكاح!؟ اذا كان الرسول قد أعلن تحريمها على رؤوس الأشهاد في "خيبر"
ثم يوم "فتح مكة" فكان ذلك تجديدا وتأكيدا لتحريم هذا النكاح, فكيف
يتجرّأ أحد بعد ذلك أن يقول: أن عمر هو الذي حرّم نكاح المتعة؟.
فالأحاديث الصحيحة الصريحة, قاطعة بتحريم نكاح المتعة, وصرّح صلى الله
عليه وسلم بأن ذلك دائم الى يوم القيامة, كما ثبت في صحيح مسلم. "فمال
هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" النساء 78. وكيف يجمع أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم على التحريم, ثم يقول الرافضة: ان المتعة
جائزة, وحكمها ثابت بالسنة, هل يجتمع كل الصحابة الكرام على جهل مثل
هذا الحكم الخطير؟. ان في اباحة نكاح المتعة عدوانا على شريعة الله,
وردّا لأحاديث سيد المرسلين, واستحلالا للفروج بالحرام, وقد أخبر
الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى, عن هذا
الصنف من البشر, ممن ينتسب للاسلام ويستحلّ أعظم المحرمات والكبائر_
وهذا من معجزاته الغيبية_ حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه
البخاري: "ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر _أي الفرج_ والحرير,
والخمر, والمعازف... ولينزلنّ أقوام الى جنب علم _أي جبل_ يروح عليهم
بسارحة لهم_ أي يرعى لهم الراعي أغنامهم_ يأتيهم الفقير لحاجة له,
فيقولون: ارجع الينا غدا, فيبيّتهم الله ويضع العلم_ أي يهلكهم الله
ويدك عليهم الجبل_ ويمسخ آخرين قردة وخنازير". أخرجه البخاري في كتاب
الأشربة 1\51. قال الحافظ ابن حجر: "يستحلّون الحر" بالحاء المهملة
المكسورة وهو الفرج, والمعنى , يستحلون الزنى. فتح الباري على شرح
البخاري 1\55. وهذا ما يشيعه الظالمون في عصرنا, من اباحة المتعة, وما
هي الا الزنى المقنّع, المتستر بجلباب العقد الشرعي, وما هو الا رجس
ودنس.. كما سمعنا في زماننا طوائف تعبد الفرج_والعياذ بالله_ ويسمونه
"مسعود" ويقولون " يا مسعود منك خرجنا, واليك نعود", ونعوذ بالله من
الكفر والضلال. شبهات المبيحين للمتعة والرد عليها استدل الرافضة
المبيحون لنكاح المتعة, على جواز هذا النكاح, بأدلة ساقطة واهية, هي
أوهى من بيوت العنكبوت, "وانّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا
يعلمون" العنكبوت 41. قالوا: دلّ على جواز هذا النكاح الكتاب العزيز,
وهو قوله تعالى: " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" النساء
24. الآية فحملوا لفظ "استمتعتم" على أن المراد به نكاح المتعة..
وقالوا ذكر الأجور يدل على أن المراد به "المتعة" لأن المتعة هي عقد
استئجار لمدة معلومة, وليس عقد نكاح دائم. و الجواب على هذه الشبهة أن
نقول: ان هذا التفسير للآية الكريمة, خطأ جسيم, وفهم سقيم, وهو مخالف
لجميع أقوال المفسرين.. فان المراد بالاستمتاع هنا : التلذذ بالجماع,
انتفاعا وتمتعا, لا "نكاح المتعة" ولو كان نكاح المتعة هو المراد لقال:
فما نكحتموهن لمتعة, ولم يأتي التعبير بقوله سبحانه وتعالى " فما
استمتعتم به منهن" فتفسيرها بنكاح المتعة خطأ, كمن يفسّر آية الزكاة
"والذين هم للزكاة فاعلون" المؤمنون 4. أن المراد بها تزكية النفس
بالأعمال الصالحة, لا دفع الزكاة للفقراء والمساكين, وهذا تأويل باطل
ترده اللغة والدين. لماذا حكمنا بأن هذا التفسير خطأ؟ لأن الله تعالى
ذكر قبل هذه الآية المحرمات من النساء " حرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ..." النساء 23.
الآية ثم أتبعه قول الله تعالى: " وأحلّ لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا
بأموالكم محصنين غير مسافحين, فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن
فريضة..." النساء 24. فالمراد بالآية: النكاح الشرعي الصحيح, لأنه هو
الذي يحصن الانسان عن الوقوع في فاحشة الزنى, لا نكاح المتعة المؤقت,
وقد جاء هذا الشرط واضحا في الآية : "محصنين غير مسافحين" والمتعة ليست
مانعا من السفاح. والمراد بالأجور هنا: المهور, لأنها مقابلة
بالاستمتاع الذي هو التلذذ بالجماع, ولهذ عقّبها بقوله : "أن تبتغوا
بأموالكم محصنين غير مسافحين...". ودعواهم أن المهر لا يسمى أجرا باطل,
لأن الله سبحانه وتعالى سمى المهر أجرا في نصوص قاطعة ومتعددة في كتابه
العزيز, فقال سبحانه:" يا أيّها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الاتي آتيت
أجورهن" الأحزاب 50. أي مهورهن, لأن المستمتع بها لا تسمى زوجة, باتفاق
أهل السنة, ومخالفيهم من الشيعة, والله تعالى انما صرّح بلفظ "أزواجك"
وهو نص قاطع في الزواج الشرعي. وهناك نص آخر يراد به المهور بلا نزاع,
وهو قوله جلّ ثناؤه: فانكحوهن باذن أهاهن وءأتوهن أجورهن..." النساء
25. أي مهورهن في النكاح. ومثله قول الله تعالى عن الزواج بالكتابيات
العفيفات : " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب
من قبلكم اذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين..." المائدة 5.الآية.
فكيف يقولون ان لفظ الأجور خاص بالمتعة, لا يطلق على المهور؟! فهل
زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كنّ منكوحات بالمتعة؟ أم هو الجهل
بكتاب الله عز وجل؟ والآن نعرض لأقوال أساطين علماء التفسير حول الآية
الكريمة.
تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري قال ابن جرير الطبري رحمه الله في
قوله تعالى" فما استمتعتم به منهن":" والصواب في تفسير الآية تأويل من
تأوله بأن المراد: فما نكحتموه منهن فجامعتموه, فآتوهن أجورهن, لقيام
الحجة بتحريم الله "متعة النساء" على غير وجه النكاح الصحيح, أو الملك
الصحيح, على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد دللنا أن المتعة,
على غير النكاح الصحيح, حرام, في غير هذا الموضع من كتبنا." جامع
البيان لابن جرير الطبري 5\8. وقال الحسن البصري في الآية: أراد ما
انتفعتم به, وتلذذتم بالجماع من النساء, بنكاح صحيح, ولا يراد بها
المتعة. الآية في تفسير ابن الجوزي وابن الجوزي يرى في تفسيره لهذه
الآية, أن لا علاقة لها بنكاح المتعة, وأن اباحتها ثم تحريمها كان
بالسنّة فقط, حيث قال في زاد المسير:
"وقد تكلّف قوم فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة ثم نسخت بما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء!!. وهذا تكلّف لا
يحتاج اليه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة, ثم نهى منها,
فكان قوله منسوخا بقوله, وأمّا الآية فانها لم تتضمن جواز المتعة, لأنه
تعالى قال: " أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين" فدل ذلك على
النكاح الصحيح, قال الزجّاج: المراد فما نكحتموه على الشرط المذكور, أي
متعففين غير زناة, فآتوهن أجورهن أي مهورهن, ومن ذهب في الآية الى غير
هذا, فقد أخطأ, وجهل اللغة. زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي
2\54. الآية في تفسير روح المعاني وكذلك قال العلامة الألوسي في تفسيره
روح المعاني أن الآية لا علاقة لها بنكاح المتعة حيث قال: " وهذه الآية
لاتدل على الحل, والقول بأنها نزلت في المتعة غلط, وتفسير البعض لها
بذلك مرفوض غير مقبول,لأن نظام القرآن الكريم يأباه, حيث بيّن سبحانه
أولا المحرّمات,ثم بيّن ما يحل نكاحهن من النساء بقوله:" وأحلّ لكم ما
وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم " وفيه شرط, فيبطل تحليل الشرط واعارته,
وقد قال بهما الشيعة. ثم قال جلّ وعلا: "محصنين غير مسافحين" وفيه
النهي عن كون القصد, مجرّد قضاء الشهوة, فبطلت المتعة بهذا القيد, لأن
مقصود المتمتع, ليس الا ذاك, دون التزوج, والاستيلاد, وحماية الزمّار
_يعني الآهل والعشيرة_ والعرض والشرف, ولهذا نجد المستمتع بها في كل
شهر تحت صاحب, وفي كل سنة في حجر, _أي حضن_ ملاعب, والحصان غير حاصل في
المتمتع غير الناكح. تفسير روح المعامي للألوسي 5\7. الأية في أضواء
البيان للشنقيطي وقال العلامة الشنقيطيفي تفسيره أضواء البيان: "والآية
في عقد النكاح, لا في نكاح المتعة, كما قال به من لا يعلم معناها, فان
قيل: التعبير بلفظ الأجور, يدلّ على نكاح المتعة, لأن الصّداق لا يسمى
مهرا!! فالجواب أن القرآن سمّاه أجرا, في موضع لا نزاع فيه, وذلك في
قوله تعالى : " فانكحوهن باذن أهلهن وءاتوهن أجورهن" أي مهورهن بلا
نزاع, فاتضح أن الآية في النكاح, لا في نكاح المتعة. هذا غيض من فيض من
أقوال أئمة علماء التفسير, ولو استعرضنا جميع آرىء المفسرين, لرأيناها
كلها متفقة, على أن الآية في النكاح الشرعي الصحيح, لا في نكاح المتعة,
كما يزعم دعاة اباحة الأعراض, ممن أشاعوا هذا اليلاء المستطير, بين
شباب المسلمين, ويكفي أن نتذكر ما قاله الامام جعفلر الصادق حين سئل عن
المتعة فقال: هي الزنى بعينه. ذكره البيهقي, و كذا في شرح العلامة
القسطلاني على صحيح البخاري. وقال الشيخ السايس رحمه الله في كتابه
تفسير آيات الأحكام: ان المعنى الذي من أجله شرع النكاح, لا يتحقق في
نكاح المتعة لما يأتي:
1_ انه لم يقصد منه الولد.
2_ ولا يترتب عليه ثبوت النسب.
3_ وقد طلب الشارع من عقد النكاح, أن يكون عقدا للألفة والمحبة!!.
4_ وأي ألفة وشركة تجيئ من عقد لا يقصد منه الا قضاء الشهوة على سبيل
التوقيت!؟.
5_ والزنى كيف يكون ان لم يكن هذا النوع من النكاح زنى؟.
6_ أليس الزنى يقع بالتراضي بين الزانيين على قضاء الوطر!؟.
7_ وهل عقد النكاح المتعة الا على هذا؟!
8_ واذا أبيح نكاح المتعة, ألا يكون ذلك مطيّة يركبها الناس, ليتقوا
بها رباط الزوجية الصحيحة؟.
9_ واذا أبيح فكيف يعرف الناس أبناءهم؟ ومن ينفق على هذا الجيش الجرّار
الذي ينتجه نكاح المتعة؟.
10_ ولا يمكن أن نقول أن الأولاد يلحقون بالعاقدين, اذ يجوز للمرأة أن
تعقد العقد كلّ ساعة.. ومن أجل هذا اتفق فقهاء الأمصار, على تحريم نكاح
المتعة, والسلف جميعا على تحريمه. نقلا عن تفسير آيات الأحكام للسايس,
وأنظر كتاب (نكاح المتعة حرام) للشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى فقد
أجاد فيه وأفاد.
............ الرّد على الشبهة الثانية ما دعوى المبيحين لنكاح المتعة,
بأنه كان مباحا في صدر الاسلام ثم أن "عمر" هو الذي حرّمه, ونهى عنه,
وأنه لا يجوز لأحد, أن يحرّم ما أحلّه الله!!. فالجواب عنه أن نقول:
نعم انه كان كان مشروعا فيأول الاسلام, لقرب عهدهم بالجاهلية, ولكنّ
الاسلام حرّم هذا النكاح بعد ذلك, فلا يجوز أن نتمسّك بحكم نسخه
بالشارع, والمعتبر في الأحكام هو الناسخ لا المنسوخ!!. لقد كان
المسلمون في بدء الدعوة, يصلّن الى جهة بيت المقدس, وكانت هي قبلة
المسلمون الأولى, ثم نسخ هذا الحكم, وأمروا أن يتوجهوا الى الكعبة
المشرّفة قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك
شطر المسجد الحرام, وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره...) الآية البقرة
144. فهل يجوز لانسان بعد نسخ هذا الحكم, أن يصلّي الى " بيت المقدس"
ويزعم أنها القبلة الأولى للمسلمين, لا ينبغي التحول عنها؟. الله عزّ
وجل أمر المسلمين, أن يتوجهوا في صلاتهم الى بيت المقدس, ثم هو جلّ
وعلا الذي نسخ الحكم, وأمر بأن تكون القبلة هي البيت الحرام!! وكذلك
هنا, الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لهم بالمتعة في السفرات والغزوات,
لا في الحضر, ثم هو عليه السلام الذي حرّم المتعة, ومنع منها, فلا يجوز
الاحتجاج, بأن المتعة كانت مباحة في أول الاسلام, وينبغي أن تستمر
الاباحة!! لأن ما حرّمه الرسول هو المعوّل عليه, وهو الذي يجب الاعتصام
به, والعمل به.
. اجماع الصحابة على تحريم المتعة ودعوى أن عمر رضي الله عنه : هو الذي
حرّم المتعة, ومنع منها, دعوى غير صحيحية, لأن الذي حرمها هو رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم خيبر, ويوك فتح مكة عام الفتح, على رءوس
الأشهاد. ولنفرض جدلا أن عمر هو الذي منع من المتعة, وهو الذي حرّمها
على المسلمين!! أفلسنا مأمورين باتباع سنة الخلفاء الراشدين, بأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من
بعدي, عضّوا عليها بالنواخذ..." طرف من حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم
(4607) في السنة, والترمذي في العلم رقم (2678), وأنظر تمامه في جامع
الأصول لابن الأثير 1\278. ثم ان اجماع الصحابة على تحريم "نكاح
المتعة" أليس دليلا شرعيا على حرمة هذا النكاح, يجب التمسك به
والاعتماد عليه, فكيف نضرب بكل هذا عرض الحائط, ولا نعتمد عليه؟!. ان
عمر رضي الله عنه لم يكن متسلقا سور الشريعة, يقول فيها برأيه وهواه
كما يشاء, وانما هو متمسك بالأحكام, متقيد بما سمعه وباغه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم, بل هو من أشد الناس تحرّيا للحق, وقبولا له, وقد
أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " ان الله جعل الحق على
لسان عمر وقلبه". أخرجه الترمذي في المناقب رقم 3683, وأحمد في المسند
2\53. ورأى الرسول في منامه أن الناس يعرضون عليه, وعليهم قمص_ أي ثياب
_ منها ما يبلغ الركبة, ومنها ما يبلغ الثدي, ومنها ما هو دون ذلك, ومر
عليه عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره, قالوا بما أوّلت ذلك يا رسول
الله؟ قال: "الدّين" أي قوة الايمان وصلابة الدين. البخاري 37\7, ومسلم
1459\4.
فهل يعقل أن يخالف عمر شريعة الله, وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه
وسلم بصلابة الدين؟!.
ان ادّعاء أن عمر رضي الله عنه, حرّم ما أباحه الله تعالى على
المسلمين, من نكاح المتعة, هراء وافتراء, لا وزن له عند أهل العلم
والنظر, فالنصوص الشرعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, هي
الحكم الفاصل بين الحق والباطل, والهدى والضلال, وقد وردت بتحريم نكاح
المتعة تحريما قاطعا, لا مجال للشك فيه, وبعد كلام سيد المرسلين عليه
صلوات الله نقول كما يقال في الأمثال "لا عطر بعد عروس"!!
............
نكاح المتعة محرّم باجماع الصحابة
ثم ان عمر رضي الله عنه, منع من نكاح المتعة في مجمع من الصحابة, وما
أنكر أحد عليه ذلك, لأنهم كانوا عالمين بحرمة المتعة, ولو كانت مباحة
كما يزعم الزاعمون, لكانوا أول من ينكر عليه, فاجماعهم وسكوتهم على ما
قاله عمر, من أظهر الدلائل على حرمة المتعة, ولا يمكن أن يسكتوا على
ذلك مداهنة, لأن ذلك يوجب تكفيرهم, لأن من حرّم ما أحل الله فهو كافر,
فيستلزم تكفير الصحابة بسكوتهم على عمر, وهذا ما لا يخطر على بال!!.
ومخالفة جمهور الأمة الاسلامية, أمر خطير, واباحة نكاح المتعة شذوذ,
وقد قال صلى الله عليه وسلم:" عليكم بالجماعة وايّاكم والفرقة, فان
الشيطان مع الواحد, وهو من الاثنين أبعد.. من أراد بحبوحة الجنّة _أي
نعيمها وخيرها_ فليلزم الجماعة.." أخرجه الترمذي في الفتن رقم(2166),
وأحمد في المسند رقم(114) والحاكم من طرق صحيحة. وفي حديث آخر :" انما
يأكل الذئب من الغنم القاصية.. ومن شذّ شذّ الى النار." بين النكاح
الصحيح ونكاح المتعة ولعلنا ندرك المفرقة الواضحة, بين النكاح الشرعي
الصحيح, وبين نكاح المتعة, الذي حرّمته الشريعة الغرّاء, فان بينهما
فرقا كبيرا, وبونا شائعا, كالفارق بين اللحم المزكّى, ولحم الخنزير,
وذلك للأسباب التي نوضّحها باجاز واختصار. أولا: ان النكاح الشرعي يراد
منه الدوام والاستمرار, لبناء الأسرة الشريفة الفاضلة, التي تعمر
الدنيا بطاعة الله, ونكاح المتعة لا يراد منه الا قضاء الشهوة, ونيل
الوطر. ثانيا: النكاح الشرعي يجب فيه الاشهاد على العقد, ورضى الولي
_ولي أمر المرأة_ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم:" لا نكاح الا بولي
وشاهي عدل" الترمذي رقم 1101 وأبو داود 2088في كتاب النكاح. ثالثا: شرط
وجود الولي ورضاه, ثابت بالكتاب والسنّة, لقوله تعالى "وانكحوهن باذن
أهلهن" , وقوله صلى الله عليه وسلّم:" أيّما امرأة لم ’ينكحها الولي,
فنكاحها باطل, فنكاحها باطل,فنكاحها باطل.." أخرجه أبو داود 10\80,
والترمذي 4\53, وابن ماجه 1\605. رابعا: نكاح المتعة ليس فيه ميراث بين
الزوجين, اذا مات أحدهما لا يرثه الآخر, فكيف يكون زواجا شرعيا
كالنكاح؟!. خامسا: عند انتهاء المدة, لا يحتاج الرجل الى تطليق المرأة
فيحق لها بعد أن تستبرئ منه بحيضة, بخلاف النكاح الشرعي. سادسا: لا
نفقة لزوجة الناكح للمتعة, ولا عدة عليها, وهو وهو مخالف للنص القرآني
( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر
وعشرا...) البقرة 234. فان العدة واجبة في الطلاق والوفاة. هذه بعض
الوجوه التي يختلف فيها نكاح المتعة عن النكاح الأصلي الشرعي, وقد روى
الامام الدارقطني عن "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه أنه قال:ط نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة, وانما كانت لمن لا يجد
النفقة, فلما نزل النكاح, والطلاق والعدة, والميراث بين الزوج والمرأة
نسخت." هذا كلام أحد أكابر أثمة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا
علي رضي الله عنه وأرضاه, فكيف يزعمون أن المتعة جائزة باتفاق عند
الشيعة, وسيّد آل البيت علي رضي الله عنه يروي لنا التحريم. مناظرة بين
القاضي يحي والخليفة المأمون وقعت مناظرة بين القاضي "يحي بن أكثم"
وأمير المؤمنين "المأمون" فان الخليفة المأمون, كان قد حسّن له بعض
حاشيته, أن نكاح المتعة حلال, فنادى باباحة المتعة, وأمر باجراء
عقودها. فدخل عليه القاضي يحي وكان متغيّر اللون, بسبب اباحة الخليفة
لذلك, وجلس عنده, فقال له المأمون:
ما لي أراك متغيّر اللون, حزين الفؤاد؟.
قال: لما حدث في الاسلام من أمر خطير!!.
قال: وماذا حدث؟ وما الذي جرى؟.
قال: من تحليلك المتعة يا أمير المؤمنين, وقد حرّمها الله تعالى
بكتابه, وحرّمها الرسول بسنّته!!.
قال: وما دليلك على تحريمها من كتاب الله وسنة رسوله؟.
قال: أمّا من الكتاب فمن قول الله عز وجل: { والذين هم لفروجهم حافظون
الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى
ورآء ذلك فأولئك هم العادون} فهل زوجة المتعة يا أمير المؤمنين زوجة؟
ترث وتورث, ويلتحق بها الولد؟
قال: لا.
قال: فهل هي ملك يمين؟
قال: لا!!.
قال: فقد صار الناكح للمتعة من العادين_ أي المعتدين على محارم الله_
بالنص القاطع الصريح!!.
وأمّا السنّة يا أمير المؤمنين فقد روى الزهري بسنده الى علي بن أبي
طالب رضي الله عنه أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
أنادي بالنهي عن نكاح المتعة, وحرّمها بعد أن كان قد أمر بها
وأباحها!!.
فالتفت المأمون للحاضرين وقال: أتحفظون هذا من حديث الزهري؟ قالوا: نعم
يا أمير المؤمنين, انه ثابت!!.
فقال المأمون: أستغفر الله من ذنبي وخطيئتي, نادوا بتحريم المتعة.
السيرة الحلبية للشيخ برهان الدين الحلبي, وأنظر نكاح المتعة حرام
للشيخ محمح الحامد ص 55.
وقد أكدنا ما نقله الامام البيهقي عن جعفر بن محمد _أعني جعفر الصادق_
من أئمة أعلام أهل بيت النبوة أنه سئل عن نكاح المتعة فقال: " هو الزنى
بعينه" !!. هذا ما روي عن علي وجعفر الصادق, فهل بعد كلام الأعلام من
آل البيت كلام لأحد من الناس!؟ نسأله تعالى الهداية, وأن يردنا الى
شريعته الغرّاء, النقيّة الصافية, التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا
هالك, كما قال الصادق المصدوق سيد ولد آدم, عليه من الله أفضل الصلاة
والتسليم!!.
............
ساعة أو ساعتين, أو أقل من ذلك أو أكثر؟. أليس هذا ما يشابه الزنى, حتى
ولو كان هناك عقد وشهود؟. ما الفرق بين أن يزني الرجل بامرأة مرات,
برضاها وبموافقتها, وبين أن يعقد عليها عقد زواج ليلتين أو ساعات؟.
أليس هو الزنى المقنع تحت ستار الفضيلة, والبعد عن الفاحشة؟ والأنكى من
ذلك والأخزى, أن يحمل معه باسم الدين "شهادة شرعية" على أنه عقد شرعي,
يبيحه الاسلام, وتقرّه الأديان!!. يا للعار والشّنار!! يا للخزي
والمهانة!! أرأيت لو أن أحدا من الناس, جاءك يريد أن يعقد عقد الزواج
على ابنتك لبضعة أيام, أو لشهر, تصفعه على وجهه بيدك, وتطرده من منزلك؟
لأنه لص أعراض, لا يريد الزواج, وانما يريد قضاء الشهوة!!. فكيف نقول:
ان نكاح المتعة لأيام أو لساعات "عقد شرعي" يتفق مع مقاصد الشريعة
الغرّاء؟ أليس هو الفاحشة بعينها؟ والله تعالى يقول:" ولا تقربوا الزنى
انه كان فاحشة وساء سبيلا".الرسول هو الذي حرم المتعة وليس عمر ومن هذه
النصوص الي أوردناها, يتضح لنا بجلاء, أن الرسول عليه الصلاة والسلام,
هو الذي حرم المتعة وليس عمر بن الخطاب, كما يزعم المرجفون,حيث يقولون:
كانت المتعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة, وعمر هو الذي
حرّمها, ولا يعتد بتحريمه انما بتحريم الرسول!!. ونقول لهؤلاء المفترين
على شريعة الله: ألا تكتفون بالنصوص الصريحة, الواضحة القاطعة, على
تحريم الرسول لنكاح المتعة؟ وعلى اجماع السلف والخلف على تحريم هذا
النكاح!؟ اذا كان الرسول قد أعلن تحريمها على رؤوس الأشهاد في "خيبر"
ثم يوم "فتح مكة" فكان ذلك تجديدا وتأكيدا لتحريم هذا النكاح, فكيف
يتجرّأ أحد بعد ذلك أن يقول: أن عمر هو الذي حرّم نكاح المتعة؟.
فالأحاديث الصحيحة الصريحة, قاطعة بتحريم نكاح المتعة, وصرّح صلى الله
عليه وسلم بأن ذلك دائم الى يوم القيامة, كما ثبت في صحيح مسلم. "فمال
هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا" النساء 78. وكيف يجمع أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم على التحريم, ثم يقول الرافضة: ان المتعة
جائزة, وحكمها ثابت بالسنة, هل يجتمع كل الصحابة الكرام على جهل مثل
هذا الحكم الخطير؟. ان في اباحة نكاح المتعة عدوانا على شريعة الله,
وردّا لأحاديث سيد المرسلين, واستحلالا للفروج بالحرام, وقد أخبر
الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى, عن هذا
الصنف من البشر, ممن ينتسب للاسلام ويستحلّ أعظم المحرمات والكبائر_
وهذا من معجزاته الغيبية_ حيث قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه
البخاري: "ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر _أي الفرج_ والحرير,
والخمر, والمعازف... ولينزلنّ أقوام الى جنب علم _أي جبل_ يروح عليهم
بسارحة لهم_ أي يرعى لهم الراعي أغنامهم_ يأتيهم الفقير لحاجة له,
فيقولون: ارجع الينا غدا, فيبيّتهم الله ويضع العلم_ أي يهلكهم الله
ويدك عليهم الجبل_ ويمسخ آخرين قردة وخنازير". أخرجه البخاري في كتاب
الأشربة 1\51. قال الحافظ ابن حجر: "يستحلّون الحر" بالحاء المهملة
المكسورة وهو الفرج, والمعنى , يستحلون الزنى. فتح الباري على شرح
البخاري 1\55. وهذا ما يشيعه الظالمون في عصرنا, من اباحة المتعة, وما
هي الا الزنى المقنّع, المتستر بجلباب العقد الشرعي, وما هو الا رجس
ودنس.. كما سمعنا في زماننا طوائف تعبد الفرج_والعياذ بالله_ ويسمونه
"مسعود" ويقولون " يا مسعود منك خرجنا, واليك نعود", ونعوذ بالله من
الكفر والضلال. شبهات المبيحين للمتعة والرد عليها استدل الرافضة
المبيحون لنكاح المتعة, على جواز هذا النكاح, بأدلة ساقطة واهية, هي
أوهى من بيوت العنكبوت, "وانّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا
يعلمون" العنكبوت 41. قالوا: دلّ على جواز هذا النكاح الكتاب العزيز,
وهو قوله تعالى: " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة" النساء
24. الآية فحملوا لفظ "استمتعتم" على أن المراد به نكاح المتعة..
وقالوا ذكر الأجور يدل على أن المراد به "المتعة" لأن المتعة هي عقد
استئجار لمدة معلومة, وليس عقد نكاح دائم. و الجواب على هذه الشبهة أن
نقول: ان هذا التفسير للآية الكريمة, خطأ جسيم, وفهم سقيم, وهو مخالف
لجميع أقوال المفسرين.. فان المراد بالاستمتاع هنا : التلذذ بالجماع,
انتفاعا وتمتعا, لا "نكاح المتعة" ولو كان نكاح المتعة هو المراد لقال:
فما نكحتموهن لمتعة, ولم يأتي التعبير بقوله سبحانه وتعالى " فما
استمتعتم به منهن" فتفسيرها بنكاح المتعة خطأ, كمن يفسّر آية الزكاة
"والذين هم للزكاة فاعلون" المؤمنون 4. أن المراد بها تزكية النفس
بالأعمال الصالحة, لا دفع الزكاة للفقراء والمساكين, وهذا تأويل باطل
ترده اللغة والدين. لماذا حكمنا بأن هذا التفسير خطأ؟ لأن الله تعالى
ذكر قبل هذه الآية المحرمات من النساء " حرّمت عليكم أمهاتكم وبناتكم
وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ..." النساء 23.
الآية ثم أتبعه قول الله تعالى: " وأحلّ لكم ما وراء ذالكم أن تبتغوا
بأموالكم محصنين غير مسافحين, فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن
فريضة..." النساء 24. فالمراد بالآية: النكاح الشرعي الصحيح, لأنه هو
الذي يحصن الانسان عن الوقوع في فاحشة الزنى, لا نكاح المتعة المؤقت,
وقد جاء هذا الشرط واضحا في الآية : "محصنين غير مسافحين" والمتعة ليست
مانعا من السفاح. والمراد بالأجور هنا: المهور, لأنها مقابلة
بالاستمتاع الذي هو التلذذ بالجماع, ولهذ عقّبها بقوله : "أن تبتغوا
بأموالكم محصنين غير مسافحين...". ودعواهم أن المهر لا يسمى أجرا باطل,
لأن الله سبحانه وتعالى سمى المهر أجرا في نصوص قاطعة ومتعددة في كتابه
العزيز, فقال سبحانه:" يا أيّها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الاتي آتيت
أجورهن" الأحزاب 50. أي مهورهن, لأن المستمتع بها لا تسمى زوجة, باتفاق
أهل السنة, ومخالفيهم من الشيعة, والله تعالى انما صرّح بلفظ "أزواجك"
وهو نص قاطع في الزواج الشرعي. وهناك نص آخر يراد به المهور بلا نزاع,
وهو قوله جلّ ثناؤه: فانكحوهن باذن أهاهن وءأتوهن أجورهن..." النساء
25. أي مهورهن في النكاح. ومثله قول الله تعالى عن الزواج بالكتابيات
العفيفات : " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب
من قبلكم اذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين..." المائدة 5.الآية.
فكيف يقولون ان لفظ الأجور خاص بالمتعة, لا يطلق على المهور؟! فهل
زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم كنّ منكوحات بالمتعة؟ أم هو الجهل
بكتاب الله عز وجل؟ والآن نعرض لأقوال أساطين علماء التفسير حول الآية
الكريمة.
تفسير شيخ المفسرين ابن جرير الطبري قال ابن جرير الطبري رحمه الله في
قوله تعالى" فما استمتعتم به منهن":" والصواب في تفسير الآية تأويل من
تأوله بأن المراد: فما نكحتموه منهن فجامعتموه, فآتوهن أجورهن, لقيام
الحجة بتحريم الله "متعة النساء" على غير وجه النكاح الصحيح, أو الملك
الصحيح, على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد دللنا أن المتعة,
على غير النكاح الصحيح, حرام, في غير هذا الموضع من كتبنا." جامع
البيان لابن جرير الطبري 5\8. وقال الحسن البصري في الآية: أراد ما
انتفعتم به, وتلذذتم بالجماع من النساء, بنكاح صحيح, ولا يراد بها
المتعة. الآية في تفسير ابن الجوزي وابن الجوزي يرى في تفسيره لهذه
الآية, أن لا علاقة لها بنكاح المتعة, وأن اباحتها ثم تحريمها كان
بالسنّة فقط, حيث قال في زاد المسير:
"وقد تكلّف قوم فقالوا: المراد بهذه الآية نكاح المتعة ثم نسخت بما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء!!. وهذا تكلّف لا
يحتاج اليه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة, ثم نهى منها,
فكان قوله منسوخا بقوله, وأمّا الآية فانها لم تتضمن جواز المتعة, لأنه
تعالى قال: " أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين" فدل ذلك على
النكاح الصحيح, قال الزجّاج: المراد فما نكحتموه على الشرط المذكور, أي
متعففين غير زناة, فآتوهن أجورهن أي مهورهن, ومن ذهب في الآية الى غير
هذا, فقد أخطأ, وجهل اللغة. زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي
2\54. الآية في تفسير روح المعاني وكذلك قال العلامة الألوسي في تفسيره
روح المعاني أن الآية لا علاقة لها بنكاح المتعة حيث قال: " وهذه الآية
لاتدل على الحل, والقول بأنها نزلت في المتعة غلط, وتفسير البعض لها
بذلك مرفوض غير مقبول,لأن نظام القرآن الكريم يأباه, حيث بيّن سبحانه
أولا المحرّمات,ثم بيّن ما يحل نكاحهن من النساء بقوله:" وأحلّ لكم ما
وراء ذالكم أن تبتغوا بأموالكم " وفيه شرط, فيبطل تحليل الشرط واعارته,
وقد قال بهما الشيعة. ثم قال جلّ وعلا: "محصنين غير مسافحين" وفيه
النهي عن كون القصد, مجرّد قضاء الشهوة, فبطلت المتعة بهذا القيد, لأن
مقصود المتمتع, ليس الا ذاك, دون التزوج, والاستيلاد, وحماية الزمّار
_يعني الآهل والعشيرة_ والعرض والشرف, ولهذا نجد المستمتع بها في كل
شهر تحت صاحب, وفي كل سنة في حجر, _أي حضن_ ملاعب, والحصان غير حاصل في
المتمتع غير الناكح. تفسير روح المعامي للألوسي 5\7. الأية في أضواء
البيان للشنقيطي وقال العلامة الشنقيطيفي تفسيره أضواء البيان: "والآية
في عقد النكاح, لا في نكاح المتعة, كما قال به من لا يعلم معناها, فان
قيل: التعبير بلفظ الأجور, يدلّ على نكاح المتعة, لأن الصّداق لا يسمى
مهرا!! فالجواب أن القرآن سمّاه أجرا, في موضع لا نزاع فيه, وذلك في
قوله تعالى : " فانكحوهن باذن أهلهن وءاتوهن أجورهن" أي مهورهن بلا
نزاع, فاتضح أن الآية في النكاح, لا في نكاح المتعة. هذا غيض من فيض من
أقوال أئمة علماء التفسير, ولو استعرضنا جميع آرىء المفسرين, لرأيناها
كلها متفقة, على أن الآية في النكاح الشرعي الصحيح, لا في نكاح المتعة,
كما يزعم دعاة اباحة الأعراض, ممن أشاعوا هذا اليلاء المستطير, بين
شباب المسلمين, ويكفي أن نتذكر ما قاله الامام جعفلر الصادق حين سئل عن
المتعة فقال: هي الزنى بعينه. ذكره البيهقي, و كذا في شرح العلامة
القسطلاني على صحيح البخاري. وقال الشيخ السايس رحمه الله في كتابه
تفسير آيات الأحكام: ان المعنى الذي من أجله شرع النكاح, لا يتحقق في
نكاح المتعة لما يأتي:
1_ انه لم يقصد منه الولد.
2_ ولا يترتب عليه ثبوت النسب.
3_ وقد طلب الشارع من عقد النكاح, أن يكون عقدا للألفة والمحبة!!.
4_ وأي ألفة وشركة تجيئ من عقد لا يقصد منه الا قضاء الشهوة على سبيل
التوقيت!؟.
5_ والزنى كيف يكون ان لم يكن هذا النوع من النكاح زنى؟.
6_ أليس الزنى يقع بالتراضي بين الزانيين على قضاء الوطر!؟.
7_ وهل عقد النكاح المتعة الا على هذا؟!
8_ واذا أبيح نكاح المتعة, ألا يكون ذلك مطيّة يركبها الناس, ليتقوا
بها رباط الزوجية الصحيحة؟.
9_ واذا أبيح فكيف يعرف الناس أبناءهم؟ ومن ينفق على هذا الجيش الجرّار
الذي ينتجه نكاح المتعة؟.
10_ ولا يمكن أن نقول أن الأولاد يلحقون بالعاقدين, اذ يجوز للمرأة أن
تعقد العقد كلّ ساعة.. ومن أجل هذا اتفق فقهاء الأمصار, على تحريم نكاح
المتعة, والسلف جميعا على تحريمه. نقلا عن تفسير آيات الأحكام للسايس,
وأنظر كتاب (نكاح المتعة حرام) للشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى فقد
أجاد فيه وأفاد.
............ الرّد على الشبهة الثانية ما دعوى المبيحين لنكاح المتعة,
بأنه كان مباحا في صدر الاسلام ثم أن "عمر" هو الذي حرّمه, ونهى عنه,
وأنه لا يجوز لأحد, أن يحرّم ما أحلّه الله!!. فالجواب عنه أن نقول:
نعم انه كان كان مشروعا فيأول الاسلام, لقرب عهدهم بالجاهلية, ولكنّ
الاسلام حرّم هذا النكاح بعد ذلك, فلا يجوز أن نتمسّك بحكم نسخه
بالشارع, والمعتبر في الأحكام هو الناسخ لا المنسوخ!!. لقد كان
المسلمون في بدء الدعوة, يصلّن الى جهة بيت المقدس, وكانت هي قبلة
المسلمون الأولى, ثم نسخ هذا الحكم, وأمروا أن يتوجهوا الى الكعبة
المشرّفة قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك
شطر المسجد الحرام, وحيث ما كنتم فولّوا وجوهكم شطره...) الآية البقرة
144. فهل يجوز لانسان بعد نسخ هذا الحكم, أن يصلّي الى " بيت المقدس"
ويزعم أنها القبلة الأولى للمسلمين, لا ينبغي التحول عنها؟. الله عزّ
وجل أمر المسلمين, أن يتوجهوا في صلاتهم الى بيت المقدس, ثم هو جلّ
وعلا الذي نسخ الحكم, وأمر بأن تكون القبلة هي البيت الحرام!! وكذلك
هنا, الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لهم بالمتعة في السفرات والغزوات,
لا في الحضر, ثم هو عليه السلام الذي حرّم المتعة, ومنع منها, فلا يجوز
الاحتجاج, بأن المتعة كانت مباحة في أول الاسلام, وينبغي أن تستمر
الاباحة!! لأن ما حرّمه الرسول هو المعوّل عليه, وهو الذي يجب الاعتصام
به, والعمل به.
. اجماع الصحابة على تحريم المتعة ودعوى أن عمر رضي الله عنه : هو الذي
حرّم المتعة, ومنع منها, دعوى غير صحيحية, لأن الذي حرمها هو رسول الله
صلى الله عليه وسلم يوم خيبر, ويوك فتح مكة عام الفتح, على رءوس
الأشهاد. ولنفرض جدلا أن عمر هو الذي منع من المتعة, وهو الذي حرّمها
على المسلمين!! أفلسنا مأمورين باتباع سنة الخلفاء الراشدين, بأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من
بعدي, عضّوا عليها بالنواخذ..." طرف من حديث صحيح أخرجه أبو داود رقم
(4607) في السنة, والترمذي في العلم رقم (2678), وأنظر تمامه في جامع
الأصول لابن الأثير 1\278. ثم ان اجماع الصحابة على تحريم "نكاح
المتعة" أليس دليلا شرعيا على حرمة هذا النكاح, يجب التمسك به
والاعتماد عليه, فكيف نضرب بكل هذا عرض الحائط, ولا نعتمد عليه؟!. ان
عمر رضي الله عنه لم يكن متسلقا سور الشريعة, يقول فيها برأيه وهواه
كما يشاء, وانما هو متمسك بالأحكام, متقيد بما سمعه وباغه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم, بل هو من أشد الناس تحرّيا للحق, وقبولا له, وقد
أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " ان الله جعل الحق على
لسان عمر وقلبه". أخرجه الترمذي في المناقب رقم 3683, وأحمد في المسند
2\53. ورأى الرسول في منامه أن الناس يعرضون عليه, وعليهم قمص_ أي ثياب
_ منها ما يبلغ الركبة, ومنها ما يبلغ الثدي, ومنها ما هو دون ذلك, ومر
عليه عمر بن الخطاب وعليه قميص يجره, قالوا بما أوّلت ذلك يا رسول
الله؟ قال: "الدّين" أي قوة الايمان وصلابة الدين. البخاري 37\7, ومسلم
1459\4.
فهل يعقل أن يخالف عمر شريعة الله, وقد شهد له رسول الله صلى الله عليه
وسلم بصلابة الدين؟!.
ان ادّعاء أن عمر رضي الله عنه, حرّم ما أباحه الله تعالى على
المسلمين, من نكاح المتعة, هراء وافتراء, لا وزن له عند أهل العلم
والنظر, فالنصوص الشرعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, هي
الحكم الفاصل بين الحق والباطل, والهدى والضلال, وقد وردت بتحريم نكاح
المتعة تحريما قاطعا, لا مجال للشك فيه, وبعد كلام سيد المرسلين عليه
صلوات الله نقول كما يقال في الأمثال "لا عطر بعد عروس"!!
............
نكاح المتعة محرّم باجماع الصحابة
ثم ان عمر رضي الله عنه, منع من نكاح المتعة في مجمع من الصحابة, وما
أنكر أحد عليه ذلك, لأنهم كانوا عالمين بحرمة المتعة, ولو كانت مباحة
كما يزعم الزاعمون, لكانوا أول من ينكر عليه, فاجماعهم وسكوتهم على ما
قاله عمر, من أظهر الدلائل على حرمة المتعة, ولا يمكن أن يسكتوا على
ذلك مداهنة, لأن ذلك يوجب تكفيرهم, لأن من حرّم ما أحل الله فهو كافر,
فيستلزم تكفير الصحابة بسكوتهم على عمر, وهذا ما لا يخطر على بال!!.
ومخالفة جمهور الأمة الاسلامية, أمر خطير, واباحة نكاح المتعة شذوذ,
وقد قال صلى الله عليه وسلم:" عليكم بالجماعة وايّاكم والفرقة, فان
الشيطان مع الواحد, وهو من الاثنين أبعد.. من أراد بحبوحة الجنّة _أي
نعيمها وخيرها_ فليلزم الجماعة.." أخرجه الترمذي في الفتن رقم(2166),
وأحمد في المسند رقم(114) والحاكم من طرق صحيحة. وفي حديث آخر :" انما
يأكل الذئب من الغنم القاصية.. ومن شذّ شذّ الى النار." بين النكاح
الصحيح ونكاح المتعة ولعلنا ندرك المفرقة الواضحة, بين النكاح الشرعي
الصحيح, وبين نكاح المتعة, الذي حرّمته الشريعة الغرّاء, فان بينهما
فرقا كبيرا, وبونا شائعا, كالفارق بين اللحم المزكّى, ولحم الخنزير,
وذلك للأسباب التي نوضّحها باجاز واختصار. أولا: ان النكاح الشرعي يراد
منه الدوام والاستمرار, لبناء الأسرة الشريفة الفاضلة, التي تعمر
الدنيا بطاعة الله, ونكاح المتعة لا يراد منه الا قضاء الشهوة, ونيل
الوطر. ثانيا: النكاح الشرعي يجب فيه الاشهاد على العقد, ورضى الولي
_ولي أمر المرأة_ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم:" لا نكاح الا بولي
وشاهي عدل" الترمذي رقم 1101 وأبو داود 2088في كتاب النكاح. ثالثا: شرط
وجود الولي ورضاه, ثابت بالكتاب والسنّة, لقوله تعالى "وانكحوهن باذن
أهلهن" , وقوله صلى الله عليه وسلّم:" أيّما امرأة لم ’ينكحها الولي,
فنكاحها باطل, فنكاحها باطل,فنكاحها باطل.." أخرجه أبو داود 10\80,
والترمذي 4\53, وابن ماجه 1\605. رابعا: نكاح المتعة ليس فيه ميراث بين
الزوجين, اذا مات أحدهما لا يرثه الآخر, فكيف يكون زواجا شرعيا
كالنكاح؟!. خامسا: عند انتهاء المدة, لا يحتاج الرجل الى تطليق المرأة
فيحق لها بعد أن تستبرئ منه بحيضة, بخلاف النكاح الشرعي. سادسا: لا
نفقة لزوجة الناكح للمتعة, ولا عدة عليها, وهو وهو مخالف للنص القرآني
( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر
وعشرا...) البقرة 234. فان العدة واجبة في الطلاق والوفاة. هذه بعض
الوجوه التي يختلف فيها نكاح المتعة عن النكاح الأصلي الشرعي, وقد روى
الامام الدارقطني عن "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه أنه قال:ط نهى
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة, وانما كانت لمن لا يجد
النفقة, فلما نزل النكاح, والطلاق والعدة, والميراث بين الزوج والمرأة
نسخت." هذا كلام أحد أكابر أثمة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم سيدنا
علي رضي الله عنه وأرضاه, فكيف يزعمون أن المتعة جائزة باتفاق عند
الشيعة, وسيّد آل البيت علي رضي الله عنه يروي لنا التحريم. مناظرة بين
القاضي يحي والخليفة المأمون وقعت مناظرة بين القاضي "يحي بن أكثم"
وأمير المؤمنين "المأمون" فان الخليفة المأمون, كان قد حسّن له بعض
حاشيته, أن نكاح المتعة حلال, فنادى باباحة المتعة, وأمر باجراء
عقودها. فدخل عليه القاضي يحي وكان متغيّر اللون, بسبب اباحة الخليفة
لذلك, وجلس عنده, فقال له المأمون:
ما لي أراك متغيّر اللون, حزين الفؤاد؟.
قال: لما حدث في الاسلام من أمر خطير!!.
قال: وماذا حدث؟ وما الذي جرى؟.
قال: من تحليلك المتعة يا أمير المؤمنين, وقد حرّمها الله تعالى
بكتابه, وحرّمها الرسول بسنّته!!.
قال: وما دليلك على تحريمها من كتاب الله وسنة رسوله؟.
قال: أمّا من الكتاب فمن قول الله عز وجل: { والذين هم لفروجهم حافظون
الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى
ورآء ذلك فأولئك هم العادون} فهل زوجة المتعة يا أمير المؤمنين زوجة؟
ترث وتورث, ويلتحق بها الولد؟
قال: لا.
قال: فهل هي ملك يمين؟
قال: لا!!.
قال: فقد صار الناكح للمتعة من العادين_ أي المعتدين على محارم الله_
بالنص القاطع الصريح!!.
وأمّا السنّة يا أمير المؤمنين فقد روى الزهري بسنده الى علي بن أبي
طالب رضي الله عنه أنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
أنادي بالنهي عن نكاح المتعة, وحرّمها بعد أن كان قد أمر بها
وأباحها!!.
فالتفت المأمون للحاضرين وقال: أتحفظون هذا من حديث الزهري؟ قالوا: نعم
يا أمير المؤمنين, انه ثابت!!.
فقال المأمون: أستغفر الله من ذنبي وخطيئتي, نادوا بتحريم المتعة.
السيرة الحلبية للشيخ برهان الدين الحلبي, وأنظر نكاح المتعة حرام
للشيخ محمح الحامد ص 55.
وقد أكدنا ما نقله الامام البيهقي عن جعفر بن محمد _أعني جعفر الصادق_
من أئمة أعلام أهل بيت النبوة أنه سئل عن نكاح المتعة فقال: " هو الزنى
بعينه" !!. هذا ما روي عن علي وجعفر الصادق, فهل بعد كلام الأعلام من
آل البيت كلام لأحد من الناس!؟ نسأله تعالى الهداية, وأن يردنا الى
شريعته الغرّاء, النقيّة الصافية, التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا
هالك, كما قال الصادق المصدوق سيد ولد آدم, عليه من الله أفضل الصلاة
والتسليم!!.
............