1ـ8الحمل
الحمل هو ما يحمل في البطن من الولد.
ونحن نتكلم عنه هنا من حيث الميراث ومن حيث مدة الحمل.
حكمه في الميراث:
الحمل إما ينفصل عن أمه وإما أن يبقى في بطنها ، وهو في كل من الأمرين
له أحكام نذكرها فيما يلي :
الحمل إذا انفصل عن أمه :
إذا انفصل الحمل عن أمه ، فإما أن ينفصل حياً أو ينفصل ميتاً ؛ وإن
انفصل ميتاً ، فإما أن يكون انفصاله بغير جناية ولا اعتداء على أمه أو
بسبب الجناية عليها ، فإن انفصل كله حياً ورث من غيره وورثه غيره لما
روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال . [إذا استهل
المولود وُرّث] . [رواه أبو داود وابن ماجه] .
الاستهلال رفع الصوت ؛ والمراد إذا ظهرت حياة المولود ورث.
وعلامة الحياة صوت أو تنفس أو عطاس ونحو ذلك .
وهذا رأي الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب أبي حنيفة .
وإن انفصل ميتاً بغير جناية على أمه فإنه لا يرث ولا يورث اتفاقاً .
وإن انفصل ميتاً بسبب الجناية على أمه فإنه في هذه الحال يرث ويورث عند
الأحناف .
وقالت الشافعية والحنابلة ومالك : لا يرث شيئاً ويملك الغرة فقط ضرورة
ولا يورث عنه سواها ويرثها كل من يتصور إرثه منه .
وذهب الليث بن سعد وربيعة بن عبد الرحمن إلى أن الجنين إذا انفصل ميتاً
بجناية على أمه لا يرث ولا يورث . وإنما تملك أمه الغرة وتختص بها لأن
الجناية على جزء منها وهو الجنين ، ومتى كانت الجناية عليها وحدها كان
الجزاء لها وحدها . وقد أخذ القانون بهذا .
الحمل في بطن أمه :
1- الحمل الذي يبقى في بطن أمه لا يوقف له شيء من التركة متى كان غير
وارث أو كان محجوباً بغيره على جميع الاعتبارات .
فإذا مات شخص وترك زوجة وأباً وأماً حاملاً من غير أبيه. فإن الحمل في
هذه الصورة لا ميراث له لأنه لا يخرج عن كونه أخاً أو أختاً لأم.
والاخوة لأم لا يرثون مع الأصل الوارث وهو هنا الأب .
2- وتوقف التركة كلها إلى أن يولد الحمل إ ذا كان وارثاً ولم يكن معه
وارث أصلاً أو كان معه وارث محجوب به باتفاق الفقهاء .
وتوقف كذلك إذا وجد معه ورثة غير محجوبين به ورضوا جميعاً صراحة أو
ضمناً بعدم قسمتها بأن سكتوا أو لم يطالبوا بها .
8-2 المفقود
المفقود: إذا غاب الشخص وانقطع خبره ولم يُدر مكانه ولم يعرف أحيَّ هو
أم ميت وحكم القضاء بموته قيل إنه مفقود.
وحكم القاضي : إما أن يكون مبنياً على الدليل ، كشهادة العدول ؛ أو
يكون مبنياً على أمارات لا تصلح أن تكون دليلاً وذلك بمضي المدة .
ففي الحالة الأولى يكون موته محققاً ثابتاً من الوقت الذي قام فيه
الدليل على الموت ، وفي الحالة الثانية التي يحكم فيها القاضي بموت
المفقود بمقتضى مضي المدة يكون موته حكمياً لاحتمال أن يكون حياً.
المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود :
اختلف الفقهاء في المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود ، فروي عن مالك
أنه قال : أربع سنين ، لأن عمر رضي الله عنه قال: "أيما امرأة فقدت
زوجها فلم تدر أين هو ، فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر
وعشراً ثم تحل" [أخرجه البخاري والشافعي] .
والمشهور عن أبي حنيفة والشافعي ومالك عدم تقدير المدة بل ذلك مفوض إلى
اجتهاد القاضي في كل عصر . قال صاحب المغني في إحدى الروايتين في
المفقود الذي لا يغلب هلاكه : "لا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى
يتيقن موته ، أو يمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها . وذلك مردود إلى
اجتهاد الحاكم . وهذا قول الشافعي رضي الله عنه ومحمد بن الحسن وهو
المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف ، لأن الأصل حياته والتقدير لا
يصار إليه إلا بتوقيف ، ولا توقيف هنا . فوجب التوقف" .
ويرى الإمام أحمد أنه إن كان في غيبة يغلب فيها الهلاك فإنه بعد التحري
الدقيق عنه يحكم بموته بمضي أربع سنين لأن الغالب هلاكه ، فأشبه ما لو
مضت مدة لا يعيش في مثلها ؛ وإن كان في غيبة يغلب معها السلامة يفوض
أمره إلى القاضي يحكم بموته بعد أي مدة يراها وبعد التحري عنه بكل
الوسائل الممكنة التي توصل إلى بيان حقيقة كونه حياً أم ميتاً .
وأخذ القانون المصري برأي الإمام أحمد فيما إذا كان المفقود في حالة
يغلب معها الهلاك فقدر المدة بأربع سنين وأخذ برأيه ورأي غيره في تفويض
الأمر إلى القاضي في الحالات الأخرى .
ففي المادة (21) من القانون رقم 15 سنة 1929 النص الآتي :
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده
. وأما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود
بعدها إلى القاضي . وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة
الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حياً أو ميتاً.
ميراثه:
ميراث المفقود يتعلق به أمران: لأنه إما أن يكون مورثاً أو وارثاً ،
ففي حالة ما إذا كان مورثاً فإن ماله يبقى على ملكه ولا يقسم بين ورثته
إلى أن يتحقق موته أو يحكم القاضي بالموت . فإن ظهر حياً أخذ ماله وإن
تحقق موته أو حكم القاضي بموته ورثه من كان وارثاً له وقت الموت أو وقت
الحكم بالموت ، ولا يرثه من مات قبل ذلك ، أو حدث إرثه بعد ذلك بزوال
مانع عنه كإسلام وارث له .
هذا إذا لم يسند الحكم بالموت إلى وقت سابق على صدوره وإلا ورثه من كان
وارثاً في الوقت الذي أسند الحكم الموت إليه .
أما الحالة الثانية وهي إذا ما كان وارثاً لغيره فإنه يوقف له نصيبه من
تركة المورث وبعد الحكم بموته يرد ذلك الموقوف إلى وارث مورثه ، وبهذا
أخذ القانون ؛ فقد جاء في مادة (45) النص الآتي : يوقف نصيب المفقود من
تركة المورث حتى يتبين أمره ، فإن ظهر حياً أخذه وإن حكم بموته رد
نصيبه إلى من يستحقه من الورثة وقت موت مورثه ، فإن ظهر حياً بعد الحكم
بموته أخذ ما بقي من نصيبه بأيدي الورثة .
8-3- الخنثى
تعريفه:
الخنثى شخص اشتُبِهَ في أمره ولم يُدر أذكر هو أم أنثى ، إما لأن له
ذكراً وفرجاً معاً أو لأنه ليس له شيء منهما أصلاً .
كيف يرث :
إن تبين أنه ذكر ورث ميراث الذكر وإن تبين أنه أنثى ورث ميراثها .
وتتبين الذكورة والأنوثة بظهور علامات كل منهما . وهي قبل البلوغ تعرف
بالبول فإن بال بالعضو المخصوص بالذكر فهو ذكر وإن بال بالعضو المخصوص
بالأنثى فهو أنثى ، وإن بال منهما كان الحكم للأسبق . وبعد البلوغ إن
نبتت له لحية أو أتى النساء أو احتلم كما يحتلم الرجال فهو ذكر ، وإن
ظهر له ثدي كثدي المرأة أو درَّ له لبن أو حاض او حبل فهو أنثى ؛ وهو
في هاتين الحالتين يقال له خنثى غير مشكل .
فإن لم يعرف أذكر هو أم أنثى ؛ بأن لم تظهر علامة من العلامات أو ظهرت
وتعارضت فهو الخنثى المشكل . وقد اختلف الفقهاء في حكمه من حيث الميراث
فقال أبو حنيفة إنه يفرض أنه ذكر ثم يفرض أنه أنثى ويعامل بعد ذلك
بأسوأ الحالين ، حتى لو كان يرث على اعتبار ولا يرث على اعتبار آخر لم
يعط شيئاً . وإن ورث على كل الفرضين ، واختلف نصيبه أُعطي أقل النصيبين
. وقال مالك وأبو يوسف والشيعة الامامية : يأخذ المتوسط بين نصيبي
الذكر والأنثى . وقال الشافعي : يعامل كل من الورثة والخنثى بأقل
النصيبين لأنه المتيقن إلى كل منهما ، وقال أحمد : إن كان يرجى ظهور
حاله يعامل كل منه ومن الورثة بالأقل ويوقف الباقي ، وإن لم يرج ظهور
الأمر يأخذ المتوسط بين نصيبي الذكر والأنثى وهذا الرأي الأخير هو
الأرجح ولكن القانون أخذ برأي أبي حنيفة ، ففي المادة (46) منه :
"للخنثى المشكل وهو الذي لا يعرف أذكر هو أم أنثى أقل النصيبين وما بقي
من التركة يعطى لباقي الورثة" .
8-4 - التخارج
تعريفه:
التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم عن نصيبه في الميراث نظير
شيء معين من التركة أو من غيرها . وقد يكون التخارج بين اثنين من
الورثة على أن يحل أحدهم محل الآخر في نصيبه في مقابل مبلغ من المال
يقدمه له .
حكمه :
والتخارج جائز متى كان عن تراضٍ . وقد طلق عبد الرحمن بن عوف زوجته
تماضر بنت الأصبغ الكلبية في مرض موته ، ثم مات وهي في العدة فورّثها
عثمان مع ثلاث نسوة أُخر فصالحوها عن ربع ثمنها على ثلاثة وثمانين
ألفاً ، قيل هي دنانير وقيل هي دراهم .
جاء في القانون مادة (4 :
التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث على شيء معلوم
، فإذا تخارج أحد الورثة مع آخر منهم استحق نصيبه وحل محله في التركة ؛
وإذا تخارج أحد الورثة مع باقيهم، فإن كان المدفوع له من التركة قسم
نصيبه بينهم بنسبة أنصبائهم فيها . وإن كان المدفوع من مالهم ولم ينص
في عقد التخارج على طريقة قسمة نصيب الخارج قسم عليهم بالسوية بينهم .
6 ، 7 ، 8 - الاستحقاق بغير الإرث :
جاء في قانون المواريث في المادة (4) :
إذا لم توجد ورثة قضي من التركة بالتريب الآتي:
أولاً: استحقاق من أقر له الميت بنسب على غيره .
ثانياً: ما أوصى به فيما زاد على الحد الذي تنفذ فيه الوصية .
فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء آلت التركة أو ما بقي منها إلى الخزانة
العامة .
ومعنى هذا أن الميت إذا مات ولم يكن له ورثة استحق التركة ثلاثة :
1- المقر له بالنسب على الغير .
2- الوصية بما زاد على الثلث .
3- بيت المال - الخزانة العامة .
8-5 - المقر له بالنسب
وسنتكلم على كل من هذه الثلاثة فيما يلي :
القانون الذي جرى عليه العمل في مصر أنه :
إذا أقر الميت بالنسب على غيره استحق المقر له التركة إذا كان مجهول
النسب ولم يثبت نسبه من الغير ولم يرجع المقر عن إقراره . ويشترط في
هذه الحال أن يكون المقر له حياً وقت موت المقر أو وقت الحكم باعتباره
ميتاً ، وأن لا يقوم به مانع من موانع الإرث .
وجاء في المذكرة الإيضاحية ما يأتي .
والمقر له بالنسب غير وارث ، لأن الإرث يعتمد على ثبوت النسب وهو غير
ثابت بالإقرار وحده ، غير أن الفقهاء أجروا عليه حكم الوارث في بعض
الأحوال كتقديمه على الموصى له بما زاد على الثلث بالنسبة للزائد ،
وكاعتباره خلفاً عن المورث في الملك فله أن يرد بالعيب وكمنعه من الإرث
بأي مانع من موانعه فرئي من المصلحة اعتباره مستحقاً للتركة بغير الإرث
إيثاراً للحقيقة والواقع .
الموصى له بما زاد على الثلث :
إذا مات الميت ولم يكن له وارث ، ولا مُقَرٌّ له بنسب على غيره جازت
الوصية للأجنبي بالتركة كلها أو بأي جزء منها ، لأن التقييد بالثلث من
أجل الورثة وليس منهم أحد .
9- بيت المال :
إذا مات الميت ولم يترك ورثة ولم يوجد مُقَرّ له بالنسب على الغير ولا
موصى له بأكثر من الثلث فإن المال يوضع في بيت مال المسلمين ليصرف في
مصالح الأمة العامة .
8-6 - الوصية الواجبة
صدر قانون الوصية الواجبة رقم 71 لسنة 1365هـ وسنة 1946م وقد تضمن
الأحكام الآتية :
1- إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكماً
بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته ،
وجبت للفرع وصية في التركة بقدر هذا النصيب في حدود الثلث ، بشرط أن
يكون غير وارث ، وألاّ يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر
قدر ما يجب له ، وإن كان ما أعطاه له أقل منه وجبت له وصية بقدر ما
يكمله .
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ، ولأولاد
الأبناء من أولاد الظهور (وهم من لا ينتسبون إلى الميت بأنثى ) وإن
نزلوا ، على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ، وأن يقسم نصيب كل أصل
على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يُدلي
بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتباً كترتيب الطبقات .
2- إذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة
وصية اختيارية ، وإن أوصى له بأقل من نصيبه وجب له ما يكمله ، وإن أوصى
لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الآخر وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه
، ويؤخذ نصيب من لم يوص له ويوفَّى نصيب من أوصى له بأقل مما وجب من
باقي الثلث ، فإن ضاق عن ذلك فمنه ومما هو مشغول بالوصية الاختيارية .
3- الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا ، فإذا لم يوص الميت لمن
وجبت لهم الوصية وأوصى لغيرهم استحق كل من وجبت له الوصية قدر نصيبه من
باقي ثلث التركة إن وفَّى وإلا فمنه ومما أوصى به لغيرهم .
طريقة حل المسائل التي تشتمل على الوصية الواجبة :
1- يفرض الولد الذي مات في حياة أحد أبويه حياً وارثاً ويقدر نصيبه كما
لو كان موجوداً .
2- يخرج من التركة نصيب المتوفى ويعطى لفرعه المستحق للوصية الواجبة إن
كان يساوي الثلث فأقل ، فإن زاد على الثلث رد إلى الثلث ثم يقسم على
الأولاد للذكر مثل حظ الانثيين .
3- يقسم باقي التركة بين الورثة الحقيقيين على حسب فرائضهم الشرعية .
8-7 - ميراث المرتد و ابن الزنا
1 - ميراث المرتد
المرتد لا يرث من غيره ولا يرثه غيره وإنما ميراثه يكون لبيت مال
المسلمين ، وهذا رأي الشافعي ومالك والمشهور عن أحمد . وقالت الأحناف :
ما اكتسبه قبل الردة ورثه أقاربه المسلمون وما اكتسبه بعدها فهو لبيت
المال .
2 - ابن الزنا وابن الملاعنة
ابن الزنا هو المولود من غير زواج شرعي وابن الملاعنة هو الذي نفي
الزوج الشرعي نسبه منه .
وابن الزنا وابن الملاعنة لا توارث بينهما وبين أبويهما بإجماع
المسلمين لانتفاء النسب الشرعي . وإنما التوارث بينهما وبين أميهما .
فعن ابن عمر أن رجلاً لاعن امراته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
وانتفى من ولدها ففرق النبي بينهما وألحق الولد بالمرأة . رواه البخاري
وابو داود . ولفظه: "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن
الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها ونص مادة (47) من قانون الميراث :
"يرث ولد الزنا وولد اللعان من الأم وقرابتها وترثهما الأم وقرابتها ".
الحمل هو ما يحمل في البطن من الولد.
ونحن نتكلم عنه هنا من حيث الميراث ومن حيث مدة الحمل.
حكمه في الميراث:
الحمل إما ينفصل عن أمه وإما أن يبقى في بطنها ، وهو في كل من الأمرين
له أحكام نذكرها فيما يلي :
الحمل إذا انفصل عن أمه :
إذا انفصل الحمل عن أمه ، فإما أن ينفصل حياً أو ينفصل ميتاً ؛ وإن
انفصل ميتاً ، فإما أن يكون انفصاله بغير جناية ولا اعتداء على أمه أو
بسبب الجناية عليها ، فإن انفصل كله حياً ورث من غيره وورثه غيره لما
روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال . [إذا استهل
المولود وُرّث] . [رواه أبو داود وابن ماجه] .
الاستهلال رفع الصوت ؛ والمراد إذا ظهرت حياة المولود ورث.
وعلامة الحياة صوت أو تنفس أو عطاس ونحو ذلك .
وهذا رأي الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب أبي حنيفة .
وإن انفصل ميتاً بغير جناية على أمه فإنه لا يرث ولا يورث اتفاقاً .
وإن انفصل ميتاً بسبب الجناية على أمه فإنه في هذه الحال يرث ويورث عند
الأحناف .
وقالت الشافعية والحنابلة ومالك : لا يرث شيئاً ويملك الغرة فقط ضرورة
ولا يورث عنه سواها ويرثها كل من يتصور إرثه منه .
وذهب الليث بن سعد وربيعة بن عبد الرحمن إلى أن الجنين إذا انفصل ميتاً
بجناية على أمه لا يرث ولا يورث . وإنما تملك أمه الغرة وتختص بها لأن
الجناية على جزء منها وهو الجنين ، ومتى كانت الجناية عليها وحدها كان
الجزاء لها وحدها . وقد أخذ القانون بهذا .
الحمل في بطن أمه :
1- الحمل الذي يبقى في بطن أمه لا يوقف له شيء من التركة متى كان غير
وارث أو كان محجوباً بغيره على جميع الاعتبارات .
فإذا مات شخص وترك زوجة وأباً وأماً حاملاً من غير أبيه. فإن الحمل في
هذه الصورة لا ميراث له لأنه لا يخرج عن كونه أخاً أو أختاً لأم.
والاخوة لأم لا يرثون مع الأصل الوارث وهو هنا الأب .
2- وتوقف التركة كلها إلى أن يولد الحمل إ ذا كان وارثاً ولم يكن معه
وارث أصلاً أو كان معه وارث محجوب به باتفاق الفقهاء .
وتوقف كذلك إذا وجد معه ورثة غير محجوبين به ورضوا جميعاً صراحة أو
ضمناً بعدم قسمتها بأن سكتوا أو لم يطالبوا بها .
8-2 المفقود
المفقود: إذا غاب الشخص وانقطع خبره ولم يُدر مكانه ولم يعرف أحيَّ هو
أم ميت وحكم القضاء بموته قيل إنه مفقود.
وحكم القاضي : إما أن يكون مبنياً على الدليل ، كشهادة العدول ؛ أو
يكون مبنياً على أمارات لا تصلح أن تكون دليلاً وذلك بمضي المدة .
ففي الحالة الأولى يكون موته محققاً ثابتاً من الوقت الذي قام فيه
الدليل على الموت ، وفي الحالة الثانية التي يحكم فيها القاضي بموت
المفقود بمقتضى مضي المدة يكون موته حكمياً لاحتمال أن يكون حياً.
المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود :
اختلف الفقهاء في المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود ، فروي عن مالك
أنه قال : أربع سنين ، لأن عمر رضي الله عنه قال: "أيما امرأة فقدت
زوجها فلم تدر أين هو ، فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر
وعشراً ثم تحل" [أخرجه البخاري والشافعي] .
والمشهور عن أبي حنيفة والشافعي ومالك عدم تقدير المدة بل ذلك مفوض إلى
اجتهاد القاضي في كل عصر . قال صاحب المغني في إحدى الروايتين في
المفقود الذي لا يغلب هلاكه : "لا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى
يتيقن موته ، أو يمضي عليه مدة لا يعيش في مثلها . وذلك مردود إلى
اجتهاد الحاكم . وهذا قول الشافعي رضي الله عنه ومحمد بن الحسن وهو
المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف ، لأن الأصل حياته والتقدير لا
يصار إليه إلا بتوقيف ، ولا توقيف هنا . فوجب التوقف" .
ويرى الإمام أحمد أنه إن كان في غيبة يغلب فيها الهلاك فإنه بعد التحري
الدقيق عنه يحكم بموته بمضي أربع سنين لأن الغالب هلاكه ، فأشبه ما لو
مضت مدة لا يعيش في مثلها ؛ وإن كان في غيبة يغلب معها السلامة يفوض
أمره إلى القاضي يحكم بموته بعد أي مدة يراها وبعد التحري عنه بكل
الوسائل الممكنة التي توصل إلى بيان حقيقة كونه حياً أم ميتاً .
وأخذ القانون المصري برأي الإمام أحمد فيما إذا كان المفقود في حالة
يغلب معها الهلاك فقدر المدة بأربع سنين وأخذ برأيه ورأي غيره في تفويض
الأمر إلى القاضي في الحالات الأخرى .
ففي المادة (21) من القانون رقم 15 سنة 1929 النص الآتي :
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده
. وأما في جميع الأحوال الأخرى فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود
بعدها إلى القاضي . وذلك كله بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة
الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حياً أو ميتاً.
ميراثه:
ميراث المفقود يتعلق به أمران: لأنه إما أن يكون مورثاً أو وارثاً ،
ففي حالة ما إذا كان مورثاً فإن ماله يبقى على ملكه ولا يقسم بين ورثته
إلى أن يتحقق موته أو يحكم القاضي بالموت . فإن ظهر حياً أخذ ماله وإن
تحقق موته أو حكم القاضي بموته ورثه من كان وارثاً له وقت الموت أو وقت
الحكم بالموت ، ولا يرثه من مات قبل ذلك ، أو حدث إرثه بعد ذلك بزوال
مانع عنه كإسلام وارث له .
هذا إذا لم يسند الحكم بالموت إلى وقت سابق على صدوره وإلا ورثه من كان
وارثاً في الوقت الذي أسند الحكم الموت إليه .
أما الحالة الثانية وهي إذا ما كان وارثاً لغيره فإنه يوقف له نصيبه من
تركة المورث وبعد الحكم بموته يرد ذلك الموقوف إلى وارث مورثه ، وبهذا
أخذ القانون ؛ فقد جاء في مادة (45) النص الآتي : يوقف نصيب المفقود من
تركة المورث حتى يتبين أمره ، فإن ظهر حياً أخذه وإن حكم بموته رد
نصيبه إلى من يستحقه من الورثة وقت موت مورثه ، فإن ظهر حياً بعد الحكم
بموته أخذ ما بقي من نصيبه بأيدي الورثة .
8-3- الخنثى
تعريفه:
الخنثى شخص اشتُبِهَ في أمره ولم يُدر أذكر هو أم أنثى ، إما لأن له
ذكراً وفرجاً معاً أو لأنه ليس له شيء منهما أصلاً .
كيف يرث :
إن تبين أنه ذكر ورث ميراث الذكر وإن تبين أنه أنثى ورث ميراثها .
وتتبين الذكورة والأنوثة بظهور علامات كل منهما . وهي قبل البلوغ تعرف
بالبول فإن بال بالعضو المخصوص بالذكر فهو ذكر وإن بال بالعضو المخصوص
بالأنثى فهو أنثى ، وإن بال منهما كان الحكم للأسبق . وبعد البلوغ إن
نبتت له لحية أو أتى النساء أو احتلم كما يحتلم الرجال فهو ذكر ، وإن
ظهر له ثدي كثدي المرأة أو درَّ له لبن أو حاض او حبل فهو أنثى ؛ وهو
في هاتين الحالتين يقال له خنثى غير مشكل .
فإن لم يعرف أذكر هو أم أنثى ؛ بأن لم تظهر علامة من العلامات أو ظهرت
وتعارضت فهو الخنثى المشكل . وقد اختلف الفقهاء في حكمه من حيث الميراث
فقال أبو حنيفة إنه يفرض أنه ذكر ثم يفرض أنه أنثى ويعامل بعد ذلك
بأسوأ الحالين ، حتى لو كان يرث على اعتبار ولا يرث على اعتبار آخر لم
يعط شيئاً . وإن ورث على كل الفرضين ، واختلف نصيبه أُعطي أقل النصيبين
. وقال مالك وأبو يوسف والشيعة الامامية : يأخذ المتوسط بين نصيبي
الذكر والأنثى . وقال الشافعي : يعامل كل من الورثة والخنثى بأقل
النصيبين لأنه المتيقن إلى كل منهما ، وقال أحمد : إن كان يرجى ظهور
حاله يعامل كل منه ومن الورثة بالأقل ويوقف الباقي ، وإن لم يرج ظهور
الأمر يأخذ المتوسط بين نصيبي الذكر والأنثى وهذا الرأي الأخير هو
الأرجح ولكن القانون أخذ برأي أبي حنيفة ، ففي المادة (46) منه :
"للخنثى المشكل وهو الذي لا يعرف أذكر هو أم أنثى أقل النصيبين وما بقي
من التركة يعطى لباقي الورثة" .
8-4 - التخارج
تعريفه:
التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم عن نصيبه في الميراث نظير
شيء معين من التركة أو من غيرها . وقد يكون التخارج بين اثنين من
الورثة على أن يحل أحدهم محل الآخر في نصيبه في مقابل مبلغ من المال
يقدمه له .
حكمه :
والتخارج جائز متى كان عن تراضٍ . وقد طلق عبد الرحمن بن عوف زوجته
تماضر بنت الأصبغ الكلبية في مرض موته ، ثم مات وهي في العدة فورّثها
عثمان مع ثلاث نسوة أُخر فصالحوها عن ربع ثمنها على ثلاثة وثمانين
ألفاً ، قيل هي دنانير وقيل هي دراهم .
جاء في القانون مادة (4 :
التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث على شيء معلوم
، فإذا تخارج أحد الورثة مع آخر منهم استحق نصيبه وحل محله في التركة ؛
وإذا تخارج أحد الورثة مع باقيهم، فإن كان المدفوع له من التركة قسم
نصيبه بينهم بنسبة أنصبائهم فيها . وإن كان المدفوع من مالهم ولم ينص
في عقد التخارج على طريقة قسمة نصيب الخارج قسم عليهم بالسوية بينهم .
6 ، 7 ، 8 - الاستحقاق بغير الإرث :
جاء في قانون المواريث في المادة (4) :
إذا لم توجد ورثة قضي من التركة بالتريب الآتي:
أولاً: استحقاق من أقر له الميت بنسب على غيره .
ثانياً: ما أوصى به فيما زاد على الحد الذي تنفذ فيه الوصية .
فإذا لم يوجد أحد من هؤلاء آلت التركة أو ما بقي منها إلى الخزانة
العامة .
ومعنى هذا أن الميت إذا مات ولم يكن له ورثة استحق التركة ثلاثة :
1- المقر له بالنسب على الغير .
2- الوصية بما زاد على الثلث .
3- بيت المال - الخزانة العامة .
8-5 - المقر له بالنسب
وسنتكلم على كل من هذه الثلاثة فيما يلي :
القانون الذي جرى عليه العمل في مصر أنه :
إذا أقر الميت بالنسب على غيره استحق المقر له التركة إذا كان مجهول
النسب ولم يثبت نسبه من الغير ولم يرجع المقر عن إقراره . ويشترط في
هذه الحال أن يكون المقر له حياً وقت موت المقر أو وقت الحكم باعتباره
ميتاً ، وأن لا يقوم به مانع من موانع الإرث .
وجاء في المذكرة الإيضاحية ما يأتي .
والمقر له بالنسب غير وارث ، لأن الإرث يعتمد على ثبوت النسب وهو غير
ثابت بالإقرار وحده ، غير أن الفقهاء أجروا عليه حكم الوارث في بعض
الأحوال كتقديمه على الموصى له بما زاد على الثلث بالنسبة للزائد ،
وكاعتباره خلفاً عن المورث في الملك فله أن يرد بالعيب وكمنعه من الإرث
بأي مانع من موانعه فرئي من المصلحة اعتباره مستحقاً للتركة بغير الإرث
إيثاراً للحقيقة والواقع .
الموصى له بما زاد على الثلث :
إذا مات الميت ولم يكن له وارث ، ولا مُقَرٌّ له بنسب على غيره جازت
الوصية للأجنبي بالتركة كلها أو بأي جزء منها ، لأن التقييد بالثلث من
أجل الورثة وليس منهم أحد .
9- بيت المال :
إذا مات الميت ولم يترك ورثة ولم يوجد مُقَرّ له بالنسب على الغير ولا
موصى له بأكثر من الثلث فإن المال يوضع في بيت مال المسلمين ليصرف في
مصالح الأمة العامة .
8-6 - الوصية الواجبة
صدر قانون الوصية الواجبة رقم 71 لسنة 1365هـ وسنة 1946م وقد تضمن
الأحكام الآتية :
1- إذا لم يوص الميت لفرع ولده الذي مات في حياته أو مات معه ولو حكماً
بمثل ما كان يستحقه هذا الولد ميراثاً في تركته لو كان حياً عند موته ،
وجبت للفرع وصية في التركة بقدر هذا النصيب في حدود الثلث ، بشرط أن
يكون غير وارث ، وألاّ يكون الميت قد أعطاه بغير عوض من طريق تصرف آخر
قدر ما يجب له ، وإن كان ما أعطاه له أقل منه وجبت له وصية بقدر ما
يكمله .
وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات ، ولأولاد
الأبناء من أولاد الظهور (وهم من لا ينتسبون إلى الميت بأنثى ) وإن
نزلوا ، على أن يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره ، وأن يقسم نصيب كل أصل
على فرعه وإن نزل قسمة الميراث كما لو كان أصله أو أصوله الذين يُدلي
بهم إلى الميت ماتوا بعده وكان موتهم مرتباً كترتيب الطبقات .
2- إذا أوصى الميت لمن وجبت له الوصية بأكثر من نصيبه كانت الزيادة
وصية اختيارية ، وإن أوصى له بأقل من نصيبه وجب له ما يكمله ، وإن أوصى
لبعض من وجبت لهم الوصية دون البعض الآخر وجب لمن لم يوص له قدر نصيبه
، ويؤخذ نصيب من لم يوص له ويوفَّى نصيب من أوصى له بأقل مما وجب من
باقي الثلث ، فإن ضاق عن ذلك فمنه ومما هو مشغول بالوصية الاختيارية .
3- الوصية الواجبة مقدمة على غيرها من الوصايا ، فإذا لم يوص الميت لمن
وجبت لهم الوصية وأوصى لغيرهم استحق كل من وجبت له الوصية قدر نصيبه من
باقي ثلث التركة إن وفَّى وإلا فمنه ومما أوصى به لغيرهم .
طريقة حل المسائل التي تشتمل على الوصية الواجبة :
1- يفرض الولد الذي مات في حياة أحد أبويه حياً وارثاً ويقدر نصيبه كما
لو كان موجوداً .
2- يخرج من التركة نصيب المتوفى ويعطى لفرعه المستحق للوصية الواجبة إن
كان يساوي الثلث فأقل ، فإن زاد على الثلث رد إلى الثلث ثم يقسم على
الأولاد للذكر مثل حظ الانثيين .
3- يقسم باقي التركة بين الورثة الحقيقيين على حسب فرائضهم الشرعية .
8-7 - ميراث المرتد و ابن الزنا
1 - ميراث المرتد
المرتد لا يرث من غيره ولا يرثه غيره وإنما ميراثه يكون لبيت مال
المسلمين ، وهذا رأي الشافعي ومالك والمشهور عن أحمد . وقالت الأحناف :
ما اكتسبه قبل الردة ورثه أقاربه المسلمون وما اكتسبه بعدها فهو لبيت
المال .
2 - ابن الزنا وابن الملاعنة
ابن الزنا هو المولود من غير زواج شرعي وابن الملاعنة هو الذي نفي
الزوج الشرعي نسبه منه .
وابن الزنا وابن الملاعنة لا توارث بينهما وبين أبويهما بإجماع
المسلمين لانتفاء النسب الشرعي . وإنما التوارث بينهما وبين أميهما .
فعن ابن عمر أن رجلاً لاعن امراته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم
وانتفى من ولدها ففرق النبي بينهما وألحق الولد بالمرأة . رواه البخاري
وابو داود . ولفظه: "جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن
الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها ونص مادة (47) من قانون الميراث :
"يرث ولد الزنا وولد اللعان من الأم وقرابتها وترثهما الأم وقرابتها ".