قررت محافظة القاهرة أن تجدد كل سيارات الأجرة فيها، وبيعت سيارات
الأجرة القديمة بملاليم مقابل أن يظفر أصحابها بسيارات حديثة يدفعون
ثمنها بالقسط.. عبقري ما خطر له أن يبيع تلك السيارات العتيقة
للمحافظات، وهناك قام البعض بتغيير لونها لتصير سيارات خاصة.. النتيجة
أن تلك السيارات العتيقة الخاصة ملأت محافظات مصر، ويعمل عليها سائقو
سيارات أجرة، لكنهم يتظاهرون بأنها سياراتهم الخاصة.. بالتالي هم لا
يدفعون ضرائب سيارات الأجرة ويظفرون بنوع من الحرية.
كنت متأخرًا عن موعد مهم، عندما فوجئت بسيارة خاصة عتيقة الطراز تتوقف
أمامي.. رأيت السائق الذي يلف عنقه بمحرمة عريضة ويضع عوينات سوداء
يصرخ في وجهي .. يصرخ بتلك الطريقة الهامسة:
ـ «آ ... آ .. سي...»
لم أفهم .. دنوت من النافذة أكثر، فعاد يصرخ بطريقة الصراخ الهامس:
ـ «تاكسي !!»
هنا فهمت أنها سيارة أجرة متنكرة من تلك السيارات التي ملأت المدينة.
بالطبع هو لا يبدو كسيارة أجرة، لهذا لا بد أن ينادي معلنًا بضاعته..
في الوقت نفسه لا يصرخ بصوت عال جدًا وإلا سمعه رجال شرطة المرور !
هكذا توكلت على الله وفتحت الباب وجلست. هذه ليست سيارات بل هي أدوات
تعذيب من القرون الوسطى. لا بد أن قضاة محاكم التفتيش كانوا يرغمون
ضحاياهم على الجلوس في أشياء كهذه. حددت له وجهتي في شارع عدلي فتوكل
على الله وشغل المحرك.. ثم سألني:
ـ «شارع عدلي ؟ .. أين هو ؟. هل تعرفه ؟»
هنا فهمت أنه ليس سائق أجرة محترفًا كذلك. يعتمد عليّ كلية لمعرفة
الاتجاه. فهمت كذلك أنه يعتمد على الركاب من الرجال فقط. ما من امرأة
ستقبل ركوب سيارة خاصة ما لم تكن امرأة خليعة.. وأنا أستبعد أن تركب
امرأة خليعة أو غير خليعة أداة جز الأعشاب هذه.. سوف تصاب بارتجاج مخي
وتموت.
رحت أشرح له أين يوجد شارع عدلي، فقال لي بلهجة متوسلة:
ـ «طبعًا الأستاذ طيب وابن ناس، ويهمك ألا تقطع عيشي.. لهذا أتوسل
إليك.. أنا ادعى (أسامة محمود).. أقيم في 8 شارع الحرية.. والآن قل لي
.. ما اسمي؟»
قلت في تردد:
ـ «أسامة محمود..»
ـ «برافو.. أقيم في 8 شارع الحرية.. أنت ابن خالي ونحن ذاهبان لزيارة
عمتك المريضة.. اتفقنا؟»
ثم عاد يسأل:
ـ «أين أقيم ؟»
ـ «في 8 شارع الحرية..»
وكان من واجبي أن أسأل، فشرح لي .. سيارته تبدو كسيارة أجرة متنكرة. هو
يبدو كسائق سيارة أجرة متنكر.. لهذا يتوقع في أية لحظة أن يستوقفه شرطي
مرور ليطلب رخصته.. شرطي المرور سوف يشك في أنني زبون، لهذا سوف يسألني
عن اسمي وعلاقتي بالسائق.. غالبًا سيسألني عن اسم السائق، فإن لم أعرف
استنتج أنني مجرد زبون ...
أما لماذا أنا ابن خال السائق، فهذا ليفسر عدم تشابه الاسمين ..
فهمت ....
هكذا ظللت طيلة الوقت أردد لنفسي: أسامة محمود .. 8 شارع الحرية..
أسامة محمود .. 8 شارع الحرية.. أسامة محمود .. 8 شارع الحرية..
لم أتنبه إلا عندما وجدت رجل الشرطة يستوقف السيارة.. ينظر لي في شك
كأنني أخفي في ثيابي شحنة مخدرات، ثم ينظر للسائق.. تفحص الرخصة
بعناية، ثم سألني إن كنت أعرف السائق.. قلت بصوت مبحوح وفم جاف:
ـ «أسامة محمود .. 8 شارع الحرية.. عمتي مريضة..»
ابتسم كأنه عاش هذا الموقف مرارًا، ثم التفت للسائق ليسأله:
ـ «وما اسمه هو ؟»
يا للكارثة !!
هنا تذكرت أن السائق لا يعرف اسمي ولم يسأل. أنا أبدو كـ (أحمد) ولا
يحتاج المرء لذكاء شديد ليخمن ذلك، لكنني بدوت للسائق (مصطفى)، وهو ما
قاله. ومن الغريب أن شرطي المرور اكتفى بذلك وأطلق سراحنا...
دعني أؤكد لك أنني لن أركب أية سيارة أجرة لا تبدو كذلك أبدًا.. لقد
مررت بكل ما يمر به المجرمون والمهربون من دون أن أقترف شيئًا، وأعتقد
أن مرة واحدة في العمر تكفي .
الأجرة القديمة بملاليم مقابل أن يظفر أصحابها بسيارات حديثة يدفعون
ثمنها بالقسط.. عبقري ما خطر له أن يبيع تلك السيارات العتيقة
للمحافظات، وهناك قام البعض بتغيير لونها لتصير سيارات خاصة.. النتيجة
أن تلك السيارات العتيقة الخاصة ملأت محافظات مصر، ويعمل عليها سائقو
سيارات أجرة، لكنهم يتظاهرون بأنها سياراتهم الخاصة.. بالتالي هم لا
يدفعون ضرائب سيارات الأجرة ويظفرون بنوع من الحرية.
كنت متأخرًا عن موعد مهم، عندما فوجئت بسيارة خاصة عتيقة الطراز تتوقف
أمامي.. رأيت السائق الذي يلف عنقه بمحرمة عريضة ويضع عوينات سوداء
يصرخ في وجهي .. يصرخ بتلك الطريقة الهامسة:
ـ «آ ... آ .. سي...»
لم أفهم .. دنوت من النافذة أكثر، فعاد يصرخ بطريقة الصراخ الهامس:
ـ «تاكسي !!»
هنا فهمت أنها سيارة أجرة متنكرة من تلك السيارات التي ملأت المدينة.
بالطبع هو لا يبدو كسيارة أجرة، لهذا لا بد أن ينادي معلنًا بضاعته..
في الوقت نفسه لا يصرخ بصوت عال جدًا وإلا سمعه رجال شرطة المرور !
هكذا توكلت على الله وفتحت الباب وجلست. هذه ليست سيارات بل هي أدوات
تعذيب من القرون الوسطى. لا بد أن قضاة محاكم التفتيش كانوا يرغمون
ضحاياهم على الجلوس في أشياء كهذه. حددت له وجهتي في شارع عدلي فتوكل
على الله وشغل المحرك.. ثم سألني:
ـ «شارع عدلي ؟ .. أين هو ؟. هل تعرفه ؟»
هنا فهمت أنه ليس سائق أجرة محترفًا كذلك. يعتمد عليّ كلية لمعرفة
الاتجاه. فهمت كذلك أنه يعتمد على الركاب من الرجال فقط. ما من امرأة
ستقبل ركوب سيارة خاصة ما لم تكن امرأة خليعة.. وأنا أستبعد أن تركب
امرأة خليعة أو غير خليعة أداة جز الأعشاب هذه.. سوف تصاب بارتجاج مخي
وتموت.
رحت أشرح له أين يوجد شارع عدلي، فقال لي بلهجة متوسلة:
ـ «طبعًا الأستاذ طيب وابن ناس، ويهمك ألا تقطع عيشي.. لهذا أتوسل
إليك.. أنا ادعى (أسامة محمود).. أقيم في 8 شارع الحرية.. والآن قل لي
.. ما اسمي؟»
قلت في تردد:
ـ «أسامة محمود..»
ـ «برافو.. أقيم في 8 شارع الحرية.. أنت ابن خالي ونحن ذاهبان لزيارة
عمتك المريضة.. اتفقنا؟»
ثم عاد يسأل:
ـ «أين أقيم ؟»
ـ «في 8 شارع الحرية..»
وكان من واجبي أن أسأل، فشرح لي .. سيارته تبدو كسيارة أجرة متنكرة. هو
يبدو كسائق سيارة أجرة متنكر.. لهذا يتوقع في أية لحظة أن يستوقفه شرطي
مرور ليطلب رخصته.. شرطي المرور سوف يشك في أنني زبون، لهذا سوف يسألني
عن اسمي وعلاقتي بالسائق.. غالبًا سيسألني عن اسم السائق، فإن لم أعرف
استنتج أنني مجرد زبون ...
أما لماذا أنا ابن خال السائق، فهذا ليفسر عدم تشابه الاسمين ..
فهمت ....
هكذا ظللت طيلة الوقت أردد لنفسي: أسامة محمود .. 8 شارع الحرية..
أسامة محمود .. 8 شارع الحرية.. أسامة محمود .. 8 شارع الحرية..
لم أتنبه إلا عندما وجدت رجل الشرطة يستوقف السيارة.. ينظر لي في شك
كأنني أخفي في ثيابي شحنة مخدرات، ثم ينظر للسائق.. تفحص الرخصة
بعناية، ثم سألني إن كنت أعرف السائق.. قلت بصوت مبحوح وفم جاف:
ـ «أسامة محمود .. 8 شارع الحرية.. عمتي مريضة..»
ابتسم كأنه عاش هذا الموقف مرارًا، ثم التفت للسائق ليسأله:
ـ «وما اسمه هو ؟»
يا للكارثة !!
هنا تذكرت أن السائق لا يعرف اسمي ولم يسأل. أنا أبدو كـ (أحمد) ولا
يحتاج المرء لذكاء شديد ليخمن ذلك، لكنني بدوت للسائق (مصطفى)، وهو ما
قاله. ومن الغريب أن شرطي المرور اكتفى بذلك وأطلق سراحنا...
دعني أؤكد لك أنني لن أركب أية سيارة أجرة لا تبدو كذلك أبدًا.. لقد
مررت بكل ما يمر به المجرمون والمهربون من دون أن أقترف شيئًا، وأعتقد
أن مرة واحدة في العمر تكفي .