أعجبني في عادل أنه لا يقبل أي شيء كقضية مسلمة.. لا بد من أن يسأل عنه
ويبحث في الجذور، وقد كون شخصيته هذه نتيجة قراءاته في مجلة «المتشكك»
الأميركية ومشاهدة عروض «بن وتلر» على الفضائيات.
هكذا كان كل شيء من المسلمات يتحطم لديه كل أسبوع.. من قال إن السباحة
بعد الغداء مضرة ؟.. أمهاتنا علمتنا هذا لكنه لا يصمد لشيء من التدقيق.
هل التلفزيون يضعف البصر فعلاً ؟.. أطباء العيون ينفون هذا.. هل مقعد
المرحاض ملوث بالبكتريا ؟.. لا.. ليس أكثر من حوض المطبخ. هل التعرض
للبرد يؤدي للانفلونزا ؟.. بالطبع لا..
ثم بدأ يزحف على مقدسات الأمهات: السبانخ لا تضيف أي شيء من الحديد
للجسم.. اللبن مصدر ضعيف جدًا للكالسيوم.
كان ينتقد كل شيء ويتشكك فيه رافعًا حاجبًا واحدًا، وهذا كان يجعله
مستفزًا للجميع.. نحب أن يقبل أحد كلامنا أحيانًا..
ولهذا كانت أشهر عبارة يسمعها هي:
- «فلتقبل هذا من شخص جاهل مثلي.. دعني أنعم بحماقتي.. الخ»
كان عادل يشعر بلذة وحشية في التشكك..
وكنت أرجع دومًا إلى مصدر المعلومات التي يقولها فأجدها صحيحة دومًا.
هذا رجل دقيق فعلاً.
في المقابل كنت أعرف واحدًا يصدق كل شيء.. يؤمن بكل نظريات المؤامرة..
يعتقد أن العالم لعبة يسيطر عليها الماسونيون.
كل لغز جاء من الفضاء الخارجي في زمن سحيق حتى أهرام الجيزة ومعابد
الأقصر..
هكذا يمكنك أن تتصور المعركة الفكرية التي كانت تنشب بين الاثنين في كل
مكان.
كان هناك جدل حول الوصول للقمر وما قامت به السفينة أبوللو في
الستينات. هنا لاحظت شيئًا غريبًا.. صار من يتشكك في وصول الأميركيين
للقمر غبيًا ضيق الأفق، بينما صار من يتشكك في هذا التشكك ذكيًا!..
عادل يتشكك في أن الأميركيين وصلوا القمر، ويرى أن هذه كلها تمثيلية تم
تصويرها في ستوديو مهجور. وكلما سمع عن الوصول للقمر أخذ يضحك في
سماجة:
- «هه هه هه!»
كنت أؤمن يقينًا أن الأميركيين وصلوا للقمر وقد درست الموضوع جيدًا..
كلما حاولت إقناع عادل ازداد سخرية.
هنا أدركت الحقيقة: تصديق كل شيء فعل غبي، لكن تكذيب كل شيء قد يكون
أكثر غباء.
هناك أميركيون يشكون في جدوى اللقاحات.. يرون أنها أكذوبة ابتكرتها
شركات الأدوية للكسب.. ولا شك أنهم يقولون:
- «هه هه هه !»
النتيجة كانت وفاة أطفالهم بالحصبة وشلل الأطفال.. فمن الغبي هنا ؟
قلت لعادل إن من مصلحته أن يصدق بعض الأشياء من وقت لآخر. وإلا تدهورت
حالته العقلية وبلغت الحضيض. فلن أندهش لو أنه قال لي يومًا إن القصور
الذاتي وهم.. أو إن الجاذبية الأرضية خرافة ابتكرها نيوتن ليحصل على
مبلغ مالي ضخم من «كنجز كوليدج». ولا شك أن الشك في كل شيء قد يقود
المرء لظلمات أكثر خطرًا وتعقيدًا.. إن الإيمان نفسه يقوم على تصديق ما
لا تراه، فإذا أصررت على تكذيب ما لا تراه فماذا سيحدث بالضبط ؟
قلت له هذا فقال إنه يشك في أنني أحاول منعه من التشكك.. قلت له إنني
أشك في أن يقدر أي واحد على الشك في قدرتي على منع التشكك لدى أي
متشكك. لكني فقط أنصحه بأن يقلل التشكك قليلاً حتى لا يجن ونجن نحن
معه.
ويبحث في الجذور، وقد كون شخصيته هذه نتيجة قراءاته في مجلة «المتشكك»
الأميركية ومشاهدة عروض «بن وتلر» على الفضائيات.
هكذا كان كل شيء من المسلمات يتحطم لديه كل أسبوع.. من قال إن السباحة
بعد الغداء مضرة ؟.. أمهاتنا علمتنا هذا لكنه لا يصمد لشيء من التدقيق.
هل التلفزيون يضعف البصر فعلاً ؟.. أطباء العيون ينفون هذا.. هل مقعد
المرحاض ملوث بالبكتريا ؟.. لا.. ليس أكثر من حوض المطبخ. هل التعرض
للبرد يؤدي للانفلونزا ؟.. بالطبع لا..
ثم بدأ يزحف على مقدسات الأمهات: السبانخ لا تضيف أي شيء من الحديد
للجسم.. اللبن مصدر ضعيف جدًا للكالسيوم.
كان ينتقد كل شيء ويتشكك فيه رافعًا حاجبًا واحدًا، وهذا كان يجعله
مستفزًا للجميع.. نحب أن يقبل أحد كلامنا أحيانًا..
ولهذا كانت أشهر عبارة يسمعها هي:
- «فلتقبل هذا من شخص جاهل مثلي.. دعني أنعم بحماقتي.. الخ»
كان عادل يشعر بلذة وحشية في التشكك..
وكنت أرجع دومًا إلى مصدر المعلومات التي يقولها فأجدها صحيحة دومًا.
هذا رجل دقيق فعلاً.
في المقابل كنت أعرف واحدًا يصدق كل شيء.. يؤمن بكل نظريات المؤامرة..
يعتقد أن العالم لعبة يسيطر عليها الماسونيون.
كل لغز جاء من الفضاء الخارجي في زمن سحيق حتى أهرام الجيزة ومعابد
الأقصر..
هكذا يمكنك أن تتصور المعركة الفكرية التي كانت تنشب بين الاثنين في كل
مكان.
كان هناك جدل حول الوصول للقمر وما قامت به السفينة أبوللو في
الستينات. هنا لاحظت شيئًا غريبًا.. صار من يتشكك في وصول الأميركيين
للقمر غبيًا ضيق الأفق، بينما صار من يتشكك في هذا التشكك ذكيًا!..
عادل يتشكك في أن الأميركيين وصلوا القمر، ويرى أن هذه كلها تمثيلية تم
تصويرها في ستوديو مهجور. وكلما سمع عن الوصول للقمر أخذ يضحك في
سماجة:
- «هه هه هه!»
كنت أؤمن يقينًا أن الأميركيين وصلوا للقمر وقد درست الموضوع جيدًا..
كلما حاولت إقناع عادل ازداد سخرية.
هنا أدركت الحقيقة: تصديق كل شيء فعل غبي، لكن تكذيب كل شيء قد يكون
أكثر غباء.
هناك أميركيون يشكون في جدوى اللقاحات.. يرون أنها أكذوبة ابتكرتها
شركات الأدوية للكسب.. ولا شك أنهم يقولون:
- «هه هه هه !»
النتيجة كانت وفاة أطفالهم بالحصبة وشلل الأطفال.. فمن الغبي هنا ؟
قلت لعادل إن من مصلحته أن يصدق بعض الأشياء من وقت لآخر. وإلا تدهورت
حالته العقلية وبلغت الحضيض. فلن أندهش لو أنه قال لي يومًا إن القصور
الذاتي وهم.. أو إن الجاذبية الأرضية خرافة ابتكرها نيوتن ليحصل على
مبلغ مالي ضخم من «كنجز كوليدج». ولا شك أن الشك في كل شيء قد يقود
المرء لظلمات أكثر خطرًا وتعقيدًا.. إن الإيمان نفسه يقوم على تصديق ما
لا تراه، فإذا أصررت على تكذيب ما لا تراه فماذا سيحدث بالضبط ؟
قلت له هذا فقال إنه يشك في أنني أحاول منعه من التشكك.. قلت له إنني
أشك في أن يقدر أي واحد على الشك في قدرتي على منع التشكك لدى أي
متشكك. لكني فقط أنصحه بأن يقلل التشكك قليلاً حتى لا يجن ونجن نحن
معه.