الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فقد ابتدع الناس للأم عيدًا، وحددوا له يومًا، وأحدثوا له مظاهر كثيرة، ففي هذا اليوم تـُحمل للأم الهدايا، وتنثر بين يديها العطايا، وتُطبع على جبينها القبلات، وتُوزع عليها الهبات، وتخرج الأم من جـُبِّ النسيان والحرمان ريثما تعود إليه بعد قليل، وتُزار في دور المسنـَّات، ثم يعود البارُّ المحتفلُ بيوم الأم إلى بيته حيث زوجته وأولاده، وتنثر في حجرها في هذا اليوم النقود، ليتحول الأمر إلى نكران وجحود، وتبتسم في وجهها الشفاه، لتعبس في وجهها لأتفه الأسباب أسارير الجباه.
فهل الأمة كانت في حاجة إلى هذا اليوم؟!
- لم تكن الأمة في حاجة إلى هذا اليوم؛ فعرفانًا بجميل الوالدين ووفاءً بحقهما أوصى الله ببرهما، والإحسان إليهما، قال -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [الأحقاف:15].
- وجعل حقهما -بعد حقه- من آكد الحقوق؛ قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:23].
- وجعل شكرهما متصلا بشكره: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14]، وأمر بحسن صحبتهما حتى لو كانا كافرين، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15].
- وجعل برهما من أحب الأعمال إليه، فعن عبد الله بن مسعود -ضي الله عنه- قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه.
- وجعل برهما جهادًا في سبيل الله؛ فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل استأذنه في الجهاد: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» متفق عليه، وفي رواية لمسلم قال: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ. قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ بَلْ كِلاَهُمَا. قَالَ: «فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا».
- وقد نهى الله -تعالى- عن عقوقهما والإساءة إليهما؛ قال -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:23-24]. فانظر كيف نهى عن القول القبيح: ({فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وأمر بالقول الحسن: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا}، وكيف نهى عن الفعل القبيح: {وَلا تَنْهَرْهُمَا} وأمر بالفعل الحسن: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}.
- وليس البر في حياتهما وحسب؛ بل يظل البر بعد موتهما، فلو كانت حياة الأبناء كلها برًّا لهما ما وفت بحقهما، قال رجل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إن لي أمًّا بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ فقال عمر: لا؛ لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وتتمنى فراقها".
قال -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله: هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا قَالَ: «نَعَمِ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا، وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا» رواه أبو داود، وقد ضعفه بعض أهل العلم إلا أن معناه صحيح.
- وجعل عقوقهما من كبائر الذنوب، بل من أكبر الكبائر، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلاَثًا». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ... » متفق عليه.
- ونهى عن سب الناس بآبائهم وأمهاتهم؛ لما يستجلب ذلك من سب الوالدين، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» متفق عليه.
ولأن الأم قاست آلام الحمل والوضع والرضاع حضَّ الإسلام على برها، وخصها بمزيد من البر، وأمر بحسن صحبتها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» متفق عليه.
لذا لم تكن أمتنا بحاجة لابتداع يوم للأم -والعمر كله لا يفي برًّا- والبدع ضلالات، وشرها ظاهر، وضررها غالب، ومن أحدث في هذا الدين ما ليس منه فهو رد، وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة، ومن استحسن فقد شرَّع، ونازع الله في أخص حقوقه، قال الإمام مالك -رحمه الله-: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا".
فقد ابتدع الناس للأم عيدًا، وحددوا له يومًا، وأحدثوا له مظاهر كثيرة، ففي هذا اليوم تـُحمل للأم الهدايا، وتنثر بين يديها العطايا، وتُطبع على جبينها القبلات، وتُوزع عليها الهبات، وتخرج الأم من جـُبِّ النسيان والحرمان ريثما تعود إليه بعد قليل، وتُزار في دور المسنـَّات، ثم يعود البارُّ المحتفلُ بيوم الأم إلى بيته حيث زوجته وأولاده، وتنثر في حجرها في هذا اليوم النقود، ليتحول الأمر إلى نكران وجحود، وتبتسم في وجهها الشفاه، لتعبس في وجهها لأتفه الأسباب أسارير الجباه.
فهل الأمة كانت في حاجة إلى هذا اليوم؟!
- لم تكن الأمة في حاجة إلى هذا اليوم؛ فعرفانًا بجميل الوالدين ووفاءً بحقهما أوصى الله ببرهما، والإحسان إليهما، قال -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا} [الأحقاف:15].
- وجعل حقهما -بعد حقه- من آكد الحقوق؛ قال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [الإسراء:23].
- وجعل شكرهما متصلا بشكره: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان:14]، وأمر بحسن صحبتهما حتى لو كانا كافرين، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15].
- وجعل برهما من أحب الأعمال إليه، فعن عبد الله بن مسعود -ضي الله عنه- قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا». قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قُلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» متفق عليه.
- وجعل برهما جهادًا في سبيل الله؛ فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل استأذنه في الجهاد: «أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» متفق عليه، وفي رواية لمسلم قال: أَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ. قَالَ: «فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟» قَالَ: نَعَمْ بَلْ كِلاَهُمَا. قَالَ: «فَتَبْتَغِي الأَجْرَ مِنَ اللَّهِ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا».
- وقد نهى الله -تعالى- عن عقوقهما والإساءة إليهما؛ قال -تعالى-: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:23-24]. فانظر كيف نهى عن القول القبيح: ({فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وأمر بالقول الحسن: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا}، وكيف نهى عن الفعل القبيح: {وَلا تَنْهَرْهُمَا} وأمر بالفعل الحسن: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}.
- وليس البر في حياتهما وحسب؛ بل يظل البر بعد موتهما، فلو كانت حياة الأبناء كلها برًّا لهما ما وفت بحقهما، قال رجل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "إن لي أمًّا بلغ منها الكبر أنها لا تقضي حاجتها إلا وظهري لها مطية، فهل أديت حقها؟ فقال عمر: لا؛ لأنها كانت تصنع بك ذلك وهي تتمنى بقاءك، وأنت تصنعه وتتمنى فراقها".
قال -تعالى-: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء:24]، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم، وقال -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله: هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا قَالَ: «نَعَمِ الصَّلاَةُ عَلَيْهِمَا، وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لاَ تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا» رواه أبو داود، وقد ضعفه بعض أهل العلم إلا أن معناه صحيح.
- وجعل عقوقهما من كبائر الذنوب، بل من أكبر الكبائر، فعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ ثَلاَثًا». قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ... » متفق عليه.
- ونهى عن سب الناس بآبائهم وأمهاتهم؛ لما يستجلب ذلك من سب الوالدين، فعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» متفق عليه.
ولأن الأم قاست آلام الحمل والوضع والرضاع حضَّ الإسلام على برها، وخصها بمزيد من البر، وأمر بحسن صحبتها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.
وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» متفق عليه.
لذا لم تكن أمتنا بحاجة لابتداع يوم للأم -والعمر كله لا يفي برًّا- والبدع ضلالات، وشرها ظاهر، وضررها غالب، ومن أحدث في هذا الدين ما ليس منه فهو رد، وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة، ومن استحسن فقد شرَّع، ونازع الله في أخص حقوقه، قال الإمام مالك -رحمه الله-: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا، فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا".