الحلقة الثالثة
لماذا لا تستشير أهلك؟
الحمد لله وكفى وصلى الله على المصطفى, وعلى الآل الطاهرين والصحابة أهل الصفا والوفا
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإن من أمثلة الضرر الذي قد تكون أعانت على نشره الأحاديث الضعيفة والموضوعة ترك استشارة النساء, أو استشارتهن ومخالفتهن.
ومن تلك الأحاديث التي لها سمعة سيئة في سوق الحديث ما اشتهر على ألسنة الناس بل والفقهاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (استشيروهن وخالفوهن) وهو حديث باطل . يحتج به أناس على انحرافهم السخيف عن النساء الفاضلات , وقد أصيب بهذه الآفة أمثال الدسوقي المالكي في حاشيته وإمام الحنفية شمس الدين السرخسي الحنفي في المبسوط للاسف فأوردوا هذا الباطل في كتبهم وشانوا به مصنفهم.
ويشبه هذا الحديث في فساده حديث أنس المرفوع(لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير فإن لم يجد من يستشير فليستشر امرأة ثم ليخالفها فإن في خلافها البركة) وفي سنده عيسى ضعيف جدا مع انقطاع. ولم يسلم الموقوف أيضا من ذلك, فقد روى علي بن الجعد في مسنده (436) عن أبي عقيل عن حفص بن عثمان بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر عن عمر موقوفا عليه: (خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة ) وحفص مجهول وأبو عقيل ضعيف. والحديث قال فيه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء على الأمة (رقم : 340) وقال : (معنى الحديث ليس صحيحا على إطلاقه ، لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك)اهـ
وقد نسب الثعالبي في ثمار القلوب في المضاف والمنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله : (ذل من أسند أمره إلى رأى امرأة ) ولا أعرف له زماما!
والمنقول في هذا من الحديث الضعيف كثير !
وهذا مذهب كثير من المناوئين للنساء الفاضلات العاقلات , ربما حسدا ! فضربوا برأيها الأمثال في الضعف والهزالة.فقيل: (إياك ومشاورة النساء فرأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن) وقال شاعرهم :
شيئان يعجز ذو الرصانة عنهما رأى النساء وإمرة الصبيان
أما النساء فميلهن إلى الهوى وأخو الصبا يجرى بغير عنان
ويكفي ردا على هذه التفاهة من الأفكار وغرائب الآراء ما رواه البخاري في صحيحه (2581) عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة يوم الحديبية: (قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما)
وقلت يكفي لأنه صار كما قال العجلوني في كشف الخفاء (2/5): (دليلا لاستشارة المرأة الفاضلة ) واحتج لذلك ابن الجوزي أيضا في كشف المشكل (4/58): وووهن به حديث شاوروهن وخالفوهن. فقال : ((وأما مشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة وقبول قولها ففيه دليل على جواز العمل بمشاورة النساء ووهن لما يقال شاوروهن وخالفوهن)
وقال الحافظ في الفتح (5/347): (علم النبي صلى الله عليه وسلم صواب ما أشارت به ففعله فلما رأى الصحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به إذ لم يبق بعد ذلك غاية تنتظر وفيه فضل المشورة وأن الفعل إذا انضم إلى القول كان أبلغ من القول المجرد وليس فيه أن الفعل مطلقا أبلغ من القول وجواز مشاورة المرأة الفاضلة وفضل أم سلمة ووفور عقلها حتى قال إمام الحرمين لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت الا أم سلمة كذا قال وقد استدرك بعضهم عليه بنت شعيب في أمر موسى)
قلت: يقصد بذلك إشارتها عليه باتخاذ موسى عليه السلام أجيرا عنده لما رأته من قوته وأمانته. وهذا دليل على وفور عقلها وصلاحية الأخذ بمشورتهن خلافا لما فاح ريحه الفاسد من سوء الراي في مشورتهن حفظهن الله تعالى.
وعن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: أفرس الناس ثلاثة العزيز حين قال لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا وبنت شعيب التي قالت: ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين , وأبو بكر حين تفرس في عمر رضي الله عنها وولاه من بعده) مع أنه لم يثبت أنها ابنت شعيب عليه السلام!
وكذلك كانت مشورة امرأة فرعون,نال بها موسى خيرا, ومكن الله بسببها لدينه وأعلى كلمته! (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ, لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )
فداوم على استشارة أهلك لعله يكون في بعض مشورتها خير لك ولها.
لماذا لا تستشير أهلك؟
الحمد لله وكفى وصلى الله على المصطفى, وعلى الآل الطاهرين والصحابة أهل الصفا والوفا
وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإن من أمثلة الضرر الذي قد تكون أعانت على نشره الأحاديث الضعيفة والموضوعة ترك استشارة النساء, أو استشارتهن ومخالفتهن.
ومن تلك الأحاديث التي لها سمعة سيئة في سوق الحديث ما اشتهر على ألسنة الناس بل والفقهاء مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (استشيروهن وخالفوهن) وهو حديث باطل . يحتج به أناس على انحرافهم السخيف عن النساء الفاضلات , وقد أصيب بهذه الآفة أمثال الدسوقي المالكي في حاشيته وإمام الحنفية شمس الدين السرخسي الحنفي في المبسوط للاسف فأوردوا هذا الباطل في كتبهم وشانوا به مصنفهم.
ويشبه هذا الحديث في فساده حديث أنس المرفوع(لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير فإن لم يجد من يستشير فليستشر امرأة ثم ليخالفها فإن في خلافها البركة) وفي سنده عيسى ضعيف جدا مع انقطاع. ولم يسلم الموقوف أيضا من ذلك, فقد روى علي بن الجعد في مسنده (436) عن أبي عقيل عن حفص بن عثمان بن عبيد الله عن عبد الله بن عمر عن عمر موقوفا عليه: (خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة ) وحفص مجهول وأبو عقيل ضعيف. والحديث قال فيه الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء على الأمة (رقم : 340) وقال : (معنى الحديث ليس صحيحا على إطلاقه ، لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارت عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك)اهـ
وقد نسب الثعالبي في ثمار القلوب في المضاف والمنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله : (ذل من أسند أمره إلى رأى امرأة ) ولا أعرف له زماما!
والمنقول في هذا من الحديث الضعيف كثير !
وهذا مذهب كثير من المناوئين للنساء الفاضلات العاقلات , ربما حسدا ! فضربوا برأيها الأمثال في الضعف والهزالة.فقيل: (إياك ومشاورة النساء فرأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن) وقال شاعرهم :
شيئان يعجز ذو الرصانة عنهما رأى النساء وإمرة الصبيان
أما النساء فميلهن إلى الهوى وأخو الصبا يجرى بغير عنان
ويكفي ردا على هذه التفاهة من الأفكار وغرائب الآراء ما رواه البخاري في صحيحه (2581) عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة يوم الحديبية: (قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك اخرج لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما)
وقلت يكفي لأنه صار كما قال العجلوني في كشف الخفاء (2/5): (دليلا لاستشارة المرأة الفاضلة ) واحتج لذلك ابن الجوزي أيضا في كشف المشكل (4/58): وووهن به حديث شاوروهن وخالفوهن. فقال : ((وأما مشاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة وقبول قولها ففيه دليل على جواز العمل بمشاورة النساء ووهن لما يقال شاوروهن وخالفوهن)
وقال الحافظ في الفتح (5/347): (علم النبي صلى الله عليه وسلم صواب ما أشارت به ففعله فلما رأى الصحابة ذلك بادروا إلى فعل ما أمرهم به إذ لم يبق بعد ذلك غاية تنتظر وفيه فضل المشورة وأن الفعل إذا انضم إلى القول كان أبلغ من القول المجرد وليس فيه أن الفعل مطلقا أبلغ من القول وجواز مشاورة المرأة الفاضلة وفضل أم سلمة ووفور عقلها حتى قال إمام الحرمين لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت الا أم سلمة كذا قال وقد استدرك بعضهم عليه بنت شعيب في أمر موسى)
قلت: يقصد بذلك إشارتها عليه باتخاذ موسى عليه السلام أجيرا عنده لما رأته من قوته وأمانته. وهذا دليل على وفور عقلها وصلاحية الأخذ بمشورتهن خلافا لما فاح ريحه الفاسد من سوء الراي في مشورتهن حفظهن الله تعالى.
وعن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: أفرس الناس ثلاثة العزيز حين قال لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا وبنت شعيب التي قالت: ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين , وأبو بكر حين تفرس في عمر رضي الله عنها وولاه من بعده) مع أنه لم يثبت أنها ابنت شعيب عليه السلام!
وكذلك كانت مشورة امرأة فرعون,نال بها موسى خيرا, ومكن الله بسببها لدينه وأعلى كلمته! (وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ, لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ )
فداوم على استشارة أهلك لعله يكون في بعض مشورتها خير لك ولها.