رابعا: أن الحكم المطعون فيه تصدى لبحث المسألة الدستورية حينما انتهى إلى اعتبار القرار المطعون فيه مخالفا لأحكام الدستور رغم أن أيا من المدعين لم يدفع بعدم دستورية القرار المذكور فضلا عن أنه كان يتعين عليه فى حالة الدفع بعدم الدستورية أن يوقف الفصل فى الدعوى ريثما يتم الفصل فى المسألة الدستورية بمعرفة المحكمة الدستورية العليا لا سيما وأن النظر فى أمر دستورية نص قانونى من عدمه أمر معقود لقاضى الموضوع وليس للقضاء المستعجل طبقا لما استقر عليه قضاء النقض.
ومن حيث انه يبين من استعرض النصوص الدستورية والتشريعية للأنظمة التعليمية فى مصر والعالم المتقدم أن الرسالة التعليمية- فى مصر بصفة خاصة- هى علاقة بالغة الأثر عظيمة الشأن بين الأجهزة التعليمية من ناحية وبين التلاميذ الذين لم يبلغوا بعد- فى مراحل التعليم قبل الجامعى- من ناحية أخرى حدا يجعل لكل منهم إدارة حرة واعية قادرة على الاختيار السليم فجميعهم- بحسب الأصل من القصر غير كاملى الأهلية الذين يقعون عادة فريسة الإغراء أو التهديد مما حدا بالمشرع إلى مراعاتهم وحمايتهم فى كافة النظم القانونية وفى شتى مجالاتها المدنية والتجارية والجنائية فخول القاصر حق أبطال العقود التى يبرمها بنفسه ما لم يوافق عليها الوالى أو الوصى، وجعل جريمة اغتصاب الأنثى واقعة حتى ولو تم الوقاع برضاها متى لم تبلغ سن الثامنة عشرة بل أن حق التقاضى التى تكلفه الدساتير كافة بحسبانه حق استصراخ القضاء لرفع الظلم والأضرار التى تحيق بالقاصر، محظور عليه ممارسته إلا عن طريق وليه إذ رأى الأخير وجها لذلك كله إلى عدم الاعتراف للقاصر بقدرته على الاختيار الحر فى ظل إرادة لا تزال فى دور التكوين ولا توجد علاقة يمكن أن توقع القاصر فريسة للطيش البين أو الهوى الجامح والاندفاع الأعمى نحو المثل المتباينة أخطر من علاقة التلاميذ فى هذه السن المبكرة بالعملين والقائمين على العملية التعليمية وسواء كانت هذه العلاقة موضع تنظيم خاص أو لم تكن كذلك فإن التأثير لا بد واقع من دافع، ومن ثم فقد كان حريا بالمشرع المصرى أن تناول هذه العلاقة بالتنظيم بمقتضى نصوص عامة لا تجعلها خاضعة لقوالب جامدة، وتلك صنيعة المشرع المصرى فى القانون رقم 139لسنة 1981المعدل بالقانون رقم 233لسنة 1988 حيث جعل مهمة تنظيم شئون أمانة فى عنق الأجهزة التنفيذية بوزارة التعليم وحدد دور كل منها ابتداء من وزير التعليم المختص حتى تنساب العصارة الفكرية فى قنواتها الشرعية إلى التلاميذ بالصورة التى تتفق وتقاليد المجتمع وقيمة وتنفيذ إلى وجدانهم بطريقة تلقائية ميسرة تعين على التلقى وتدعو إلى الاستجابة وتحقيق أهدافها فى تكوين إرادتهم وتحقيق ذواتهم فبعد أن أوضحت المادة الأولى من القانون المشار إليه أهدافه بالنص على أن "يهدف التعليم قبل الجامعى إلى تكوين المدارس تكوينا ثقافيا وعلميا مرتبا على مستويات متتالية من النواحى الوجدانية والقومية والعقلية والاجتماعية والصحية والسلوكية والرياضية." نصت المادة الثانية من ذات القانون على أن "ينشأ مجلس أعلى للتعليم قبل الجامعى برئاسة وزير التعليم يتولى التخطيط لهذا التعليم ورسم خططه وبرامجه ، ويضم ممثلين لقطاعات التعليم والجامعات والأزهر والثقافة والتخطيط والمالية والإنتاج والخدمات والقوى العاملة وغيرهم من المهتمين بشئون التعليم- ويصدر بتشكيل هذا المجلس وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم.
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 523لسنة 1981ونص فى المادة الأولى منه على تشكيل المجلس الأعلى برئاسة وزير التعليم وعدد من ممثلى القطاعات المشار إليها بالقانون ونصت المادة الثانية منه على أن "يختص المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى بالتخطيط لهذا التعليم ورسم خططه وبرامجه وبدراسة كل ما يعرضه عليه وزير التعليم خاصا بالسياسة العامة للتعليم وله فى سبيل ذلك: 1-تحديد الخطط العامة السياسية التعليمية والتربوية فى كافة مراحل التعليم قبل الجامعى ونوعياته المختلفة بما يحقق الأهداف القومية فى إطار السياسة العامة للدولة ……2-……..7- تنظيم شئون التلاميذ الثقافية والاجتماعية والرياضية والاتحادات.
وبناء على موافقة المجلس الأعلى للتعليم بجلسة المعقودة فى 20/4/1994 بشأن تحديد زى موحد لتلاميذ المدارس الرسمية والخاصة فى مراحلها الثلاث صدر قرار وزير التعليم رقم 113لسنة 1994 فى 17/5/1994 محل الطعن الماثل بتحديد المواصفات الخاصة بالزى المدرسى وتوحيدها من حيث اللون أو الشكل أو المكونات ونص فيه على السماح للتلميذات بارتداء غطاء الرأس لا يحجب الوجه بناء على طلب مكتوب من ولى الأمر - بتاريخ 6/8/1994 صدر قرار وزير التعليم رقم 208لسنة 1994بتفسير بعض العبارات الواردة فى القرار السابق ونص فيه على أنه يقصد بعبارة "بناء على طلب ولى الأمر" أن يكون ولى الأمر على علم باختيار التلميذة لارتداء غطاء الشعر وأن اختيارها وليد رغبتها دون ضغط أو إجبار، وعلى ذلك لا تمنع أى تلميذة ترتدى غطاء الشعر وإنما بحق لها الدخول على أن يتم التحقيق من علم ولى الأمر، كما حدد غطاء الشعر بأنه كل غطاء تختاره التلميذة بما لا يحجب الوجه، كما نص فى البند ثانيا على أنه "يقصد بالزى المناسب المحافظة فى الزى على مراعاة الاحتشام بما يتفق مع تقاليد المجتمع واخلاقيته وكل زى يخرج على هذا الاحتشام يكون مخالفا للزى المدرسى للتلميذة ترتديه بدخوله المدرسة.
ومن حيث أنه يبين من النصوص المتقدمة أن العملية التعليمية لا تقوم لها قائمة إلا بين أطراف ثلاثية: أولها: الأجهزة التعليمية وعلى رأسها المجلس الأعلى للتعليم برئاسة وزير التعليم بحسبانه- بنص القانون- قائد العملية التعليمية والتربوية والسلوكية وله أن يضع ما يشاء من نصوص منظمة لشئون التلاميذ التعليمية والثقافية والاجتماعية والرياضية" ما لم يخالف نصا صريحا القانون أو يتعارض مع أصل لا خلاف عليه من أصول الشريعة الإسلامية التى تعد مصدرا من مصادر التشريع وثانيها: التلميذ وهو وعاء العملية التعليمية ومناط نجاحها فى أهدافها المتمثلة فى تكوين إرادته وتنظيم فكرة وتزويده بالقدر المناسب من القيم والدراسات النظرية والتطبيقية والمقومات التى تحقق إنسانية وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته وثالثها: ولى الأمر الذى ينبغى أن يكون على علم مستمر ودائم بالعملية التعليمية ويسهم إسهاما إيجابيا فى تكوين إدارة التلميذ واستكمال ما نقض منها من ثم ينبغى أن يكون على علم تام بسلوك التلميذ فى المدرسة من الناحية النفسية والأخلاقية ومدى انتظامه فى الدراسة وقدرته على الاستجابة للتعليم ومستوى تحصيله للمعلومات. ومن ثم فلا تثريب على وزير التعليم تنفيذا لمقررات المجلس الأعلى التعليم قبل الجامعى وهو القوام بنص القانون على تنظيم شئون التلاميذ وتكوين إرادتهم أن يفرض الخطوط الرئيسية لزى موحد بقصد فرض مظهر من مظاهر الانضباط فى المدارس الرسمية والخاصة والقضاء على صور التفرقة المستفزة بين الفقراء والأغنياء ليكون الجميع فى دور التعليم سواء لا تميز بين تلميذ وآخر إلا بتفوقه الدراسى وإذا كان التعليم حقا يكفله الدستور وتشرف عليه الدولة، فإن الانتظام فى الدراسة لبلوغ هذه الغاية واجب يتحمل مسئوليته كل من التلميذ والأجهزة التعليمية التى تتولى مهمة تكوين إرادته وتحديد أحلامه وتطلعاته وتهيئته لتلقى العلم على النحو الذى يحقق إنسانيته وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته واستكمال أهليته فى الصورة التى تجعله قادرا على الاختيار الحر السليم، وأهلا لاكتساب الحقوق والواجبات، ومن ثم يبدو غريبا الاعتراف للأجهزة التعليمية بدورها فى تنشئة هذه الأجيال المختلفة من التلاميذ وتنظيم أفكارهم وسبر أغوارهم وتشكيل جوهرهم فى الوقت الذى يعد فيه انتظامهم فى ذى ظاهر موحد أمرا منكرا.
ومن حيث أن الحكم الطعين قد انتهج غير هذا النهج وأنكر على الأجهزة التعليمية دورها فى تنظيم شئون التلاميذ بتحديد زى موحد لانتظامهم فى الدراسة فإنه يكون قد أخطأ فة تطبيق القانون وتأويله وأغفل حقيقة جوهرية قوامها أن التلاميذ فى مراحل التعليم قبل الجامعى من البراعم الغضه التى لم يكتمل نضجها بعد وقد جعل المشرع مهمة رعايتها وتنشئتها فى عنق الأجهزة التعليمية، وإنما ملزمة بتكوين إرادتها واستكمال أهليته ومن ثم فلا يسوغ الاحتجاج للقاصر بحريته فى ارتداء ما يراه من أزياء لا سيما إذا كان المقصود بالزى هو ارتداؤه له فترة واحدة فى الدراسة دون أن يشكل ذلك مصادرة لحريته فى ارتداء ما يراه من أزياء خارجها ولا يعدو القرار المذكور أن يكون صورة من ممارسة الوزارة لتنظيم مرفق التعليم وهو حق لأمراء فيه لها يجد سنده فى قانون التعليم وقرار رئيس الجمهورية بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم دون أن يحد منه الإدعاء بحرية التلاميذ فيما يرتدون ما دام المشرع قد خص وزارة التعليم وحدها وبما تملكه من أجهزة تعليمية وتربوية بتنظيم شئونهم ورعايتها ولا يعدو تحديد مواصفات الزى أن يكون وجها من أوجه التنظيم المشار إليها فى القانون وقد استقرت هذه المفاهيم فى ضمير المجتمع المصرى منذ بدء العملية التعليمية النظامية فى بداية القرن الماضى حتى رقت إلى مرتبة القاعدة القانونية الواجبة الاتباع والتى يؤدى الإخلال بها إلى حرمان التلاميذ من الانتظام فى الدراسة ولم تكن مجرد قاعدة اجتماعية توجيهية كما ذهب الحكم الطعين الأمر الذى يتعين معه الاعتراف لوزارة التعليم باختصاصها الثابت فى تحديد الزى الذى تراه مناسبا لتلاميذ كل مرحلة من مراحل التعليم قبل الجامعى عن انتظامهم فى الدراسة ما دام قرارها فى هذا الشان قد صدر مجردا عن الميل والهوى مستهدفا وجه الصالح العام، وإذ انتهى الحكم الطعين إلى اعتبار القرار مثار الطعن منعدما لاغتصابه اختصاص السلطة التشريعية فيما هو محجوز لها نص الدستور فإنه قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقا بالإلغاء.
ومن حيث انه يبين من استعرض النصوص الدستورية والتشريعية للأنظمة التعليمية فى مصر والعالم المتقدم أن الرسالة التعليمية- فى مصر بصفة خاصة- هى علاقة بالغة الأثر عظيمة الشأن بين الأجهزة التعليمية من ناحية وبين التلاميذ الذين لم يبلغوا بعد- فى مراحل التعليم قبل الجامعى- من ناحية أخرى حدا يجعل لكل منهم إدارة حرة واعية قادرة على الاختيار السليم فجميعهم- بحسب الأصل من القصر غير كاملى الأهلية الذين يقعون عادة فريسة الإغراء أو التهديد مما حدا بالمشرع إلى مراعاتهم وحمايتهم فى كافة النظم القانونية وفى شتى مجالاتها المدنية والتجارية والجنائية فخول القاصر حق أبطال العقود التى يبرمها بنفسه ما لم يوافق عليها الوالى أو الوصى، وجعل جريمة اغتصاب الأنثى واقعة حتى ولو تم الوقاع برضاها متى لم تبلغ سن الثامنة عشرة بل أن حق التقاضى التى تكلفه الدساتير كافة بحسبانه حق استصراخ القضاء لرفع الظلم والأضرار التى تحيق بالقاصر، محظور عليه ممارسته إلا عن طريق وليه إذ رأى الأخير وجها لذلك كله إلى عدم الاعتراف للقاصر بقدرته على الاختيار الحر فى ظل إرادة لا تزال فى دور التكوين ولا توجد علاقة يمكن أن توقع القاصر فريسة للطيش البين أو الهوى الجامح والاندفاع الأعمى نحو المثل المتباينة أخطر من علاقة التلاميذ فى هذه السن المبكرة بالعملين والقائمين على العملية التعليمية وسواء كانت هذه العلاقة موضع تنظيم خاص أو لم تكن كذلك فإن التأثير لا بد واقع من دافع، ومن ثم فقد كان حريا بالمشرع المصرى أن تناول هذه العلاقة بالتنظيم بمقتضى نصوص عامة لا تجعلها خاضعة لقوالب جامدة، وتلك صنيعة المشرع المصرى فى القانون رقم 139لسنة 1981المعدل بالقانون رقم 233لسنة 1988 حيث جعل مهمة تنظيم شئون أمانة فى عنق الأجهزة التنفيذية بوزارة التعليم وحدد دور كل منها ابتداء من وزير التعليم المختص حتى تنساب العصارة الفكرية فى قنواتها الشرعية إلى التلاميذ بالصورة التى تتفق وتقاليد المجتمع وقيمة وتنفيذ إلى وجدانهم بطريقة تلقائية ميسرة تعين على التلقى وتدعو إلى الاستجابة وتحقيق أهدافها فى تكوين إرادتهم وتحقيق ذواتهم فبعد أن أوضحت المادة الأولى من القانون المشار إليه أهدافه بالنص على أن "يهدف التعليم قبل الجامعى إلى تكوين المدارس تكوينا ثقافيا وعلميا مرتبا على مستويات متتالية من النواحى الوجدانية والقومية والعقلية والاجتماعية والصحية والسلوكية والرياضية." نصت المادة الثانية من ذات القانون على أن "ينشأ مجلس أعلى للتعليم قبل الجامعى برئاسة وزير التعليم يتولى التخطيط لهذا التعليم ورسم خططه وبرامجه ، ويضم ممثلين لقطاعات التعليم والجامعات والأزهر والثقافة والتخطيط والمالية والإنتاج والخدمات والقوى العاملة وغيرهم من المهتمين بشئون التعليم- ويصدر بتشكيل هذا المجلس وتحديد اختصاصاته قرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض وزير التعليم.
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 523لسنة 1981ونص فى المادة الأولى منه على تشكيل المجلس الأعلى برئاسة وزير التعليم وعدد من ممثلى القطاعات المشار إليها بالقانون ونصت المادة الثانية منه على أن "يختص المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعى بالتخطيط لهذا التعليم ورسم خططه وبرامجه وبدراسة كل ما يعرضه عليه وزير التعليم خاصا بالسياسة العامة للتعليم وله فى سبيل ذلك: 1-تحديد الخطط العامة السياسية التعليمية والتربوية فى كافة مراحل التعليم قبل الجامعى ونوعياته المختلفة بما يحقق الأهداف القومية فى إطار السياسة العامة للدولة ……2-……..7- تنظيم شئون التلاميذ الثقافية والاجتماعية والرياضية والاتحادات.
وبناء على موافقة المجلس الأعلى للتعليم بجلسة المعقودة فى 20/4/1994 بشأن تحديد زى موحد لتلاميذ المدارس الرسمية والخاصة فى مراحلها الثلاث صدر قرار وزير التعليم رقم 113لسنة 1994 فى 17/5/1994 محل الطعن الماثل بتحديد المواصفات الخاصة بالزى المدرسى وتوحيدها من حيث اللون أو الشكل أو المكونات ونص فيه على السماح للتلميذات بارتداء غطاء الرأس لا يحجب الوجه بناء على طلب مكتوب من ولى الأمر - بتاريخ 6/8/1994 صدر قرار وزير التعليم رقم 208لسنة 1994بتفسير بعض العبارات الواردة فى القرار السابق ونص فيه على أنه يقصد بعبارة "بناء على طلب ولى الأمر" أن يكون ولى الأمر على علم باختيار التلميذة لارتداء غطاء الشعر وأن اختيارها وليد رغبتها دون ضغط أو إجبار، وعلى ذلك لا تمنع أى تلميذة ترتدى غطاء الشعر وإنما بحق لها الدخول على أن يتم التحقيق من علم ولى الأمر، كما حدد غطاء الشعر بأنه كل غطاء تختاره التلميذة بما لا يحجب الوجه، كما نص فى البند ثانيا على أنه "يقصد بالزى المناسب المحافظة فى الزى على مراعاة الاحتشام بما يتفق مع تقاليد المجتمع واخلاقيته وكل زى يخرج على هذا الاحتشام يكون مخالفا للزى المدرسى للتلميذة ترتديه بدخوله المدرسة.
ومن حيث أنه يبين من النصوص المتقدمة أن العملية التعليمية لا تقوم لها قائمة إلا بين أطراف ثلاثية: أولها: الأجهزة التعليمية وعلى رأسها المجلس الأعلى للتعليم برئاسة وزير التعليم بحسبانه- بنص القانون- قائد العملية التعليمية والتربوية والسلوكية وله أن يضع ما يشاء من نصوص منظمة لشئون التلاميذ التعليمية والثقافية والاجتماعية والرياضية" ما لم يخالف نصا صريحا القانون أو يتعارض مع أصل لا خلاف عليه من أصول الشريعة الإسلامية التى تعد مصدرا من مصادر التشريع وثانيها: التلميذ وهو وعاء العملية التعليمية ومناط نجاحها فى أهدافها المتمثلة فى تكوين إرادته وتنظيم فكرة وتزويده بالقدر المناسب من القيم والدراسات النظرية والتطبيقية والمقومات التى تحقق إنسانية وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته وثالثها: ولى الأمر الذى ينبغى أن يكون على علم مستمر ودائم بالعملية التعليمية ويسهم إسهاما إيجابيا فى تكوين إدارة التلميذ واستكمال ما نقض منها من ثم ينبغى أن يكون على علم تام بسلوك التلميذ فى المدرسة من الناحية النفسية والأخلاقية ومدى انتظامه فى الدراسة وقدرته على الاستجابة للتعليم ومستوى تحصيله للمعلومات. ومن ثم فلا تثريب على وزير التعليم تنفيذا لمقررات المجلس الأعلى التعليم قبل الجامعى وهو القوام بنص القانون على تنظيم شئون التلاميذ وتكوين إرادتهم أن يفرض الخطوط الرئيسية لزى موحد بقصد فرض مظهر من مظاهر الانضباط فى المدارس الرسمية والخاصة والقضاء على صور التفرقة المستفزة بين الفقراء والأغنياء ليكون الجميع فى دور التعليم سواء لا تميز بين تلميذ وآخر إلا بتفوقه الدراسى وإذا كان التعليم حقا يكفله الدستور وتشرف عليه الدولة، فإن الانتظام فى الدراسة لبلوغ هذه الغاية واجب يتحمل مسئوليته كل من التلميذ والأجهزة التعليمية التى تتولى مهمة تكوين إرادته وتحديد أحلامه وتطلعاته وتهيئته لتلقى العلم على النحو الذى يحقق إنسانيته وكرامته وقدرته على تحقيق ذاته واستكمال أهليته فى الصورة التى تجعله قادرا على الاختيار الحر السليم، وأهلا لاكتساب الحقوق والواجبات، ومن ثم يبدو غريبا الاعتراف للأجهزة التعليمية بدورها فى تنشئة هذه الأجيال المختلفة من التلاميذ وتنظيم أفكارهم وسبر أغوارهم وتشكيل جوهرهم فى الوقت الذى يعد فيه انتظامهم فى ذى ظاهر موحد أمرا منكرا.
ومن حيث أن الحكم الطعين قد انتهج غير هذا النهج وأنكر على الأجهزة التعليمية دورها فى تنظيم شئون التلاميذ بتحديد زى موحد لانتظامهم فى الدراسة فإنه يكون قد أخطأ فة تطبيق القانون وتأويله وأغفل حقيقة جوهرية قوامها أن التلاميذ فى مراحل التعليم قبل الجامعى من البراعم الغضه التى لم يكتمل نضجها بعد وقد جعل المشرع مهمة رعايتها وتنشئتها فى عنق الأجهزة التعليمية، وإنما ملزمة بتكوين إرادتها واستكمال أهليته ومن ثم فلا يسوغ الاحتجاج للقاصر بحريته فى ارتداء ما يراه من أزياء لا سيما إذا كان المقصود بالزى هو ارتداؤه له فترة واحدة فى الدراسة دون أن يشكل ذلك مصادرة لحريته فى ارتداء ما يراه من أزياء خارجها ولا يعدو القرار المذكور أن يكون صورة من ممارسة الوزارة لتنظيم مرفق التعليم وهو حق لأمراء فيه لها يجد سنده فى قانون التعليم وقرار رئيس الجمهورية بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم دون أن يحد منه الإدعاء بحرية التلاميذ فيما يرتدون ما دام المشرع قد خص وزارة التعليم وحدها وبما تملكه من أجهزة تعليمية وتربوية بتنظيم شئونهم ورعايتها ولا يعدو تحديد مواصفات الزى أن يكون وجها من أوجه التنظيم المشار إليها فى القانون وقد استقرت هذه المفاهيم فى ضمير المجتمع المصرى منذ بدء العملية التعليمية النظامية فى بداية القرن الماضى حتى رقت إلى مرتبة القاعدة القانونية الواجبة الاتباع والتى يؤدى الإخلال بها إلى حرمان التلاميذ من الانتظام فى الدراسة ولم تكن مجرد قاعدة اجتماعية توجيهية كما ذهب الحكم الطعين الأمر الذى يتعين معه الاعتراف لوزارة التعليم باختصاصها الثابت فى تحديد الزى الذى تراه مناسبا لتلاميذ كل مرحلة من مراحل التعليم قبل الجامعى عن انتظامهم فى الدراسة ما دام قرارها فى هذا الشان قد صدر مجردا عن الميل والهوى مستهدفا وجه الصالح العام، وإذ انتهى الحكم الطعين إلى اعتبار القرار مثار الطعن منعدما لاغتصابه اختصاص السلطة التشريعية فيما هو محجوز لها نص الدستور فإنه قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقا بالإلغاء.